وما فعلتم من إعطاء ربا كما تقول أتيت خطأ وأتيت صوابا: أي فعلت، وقوله تعالى: فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (٣٩) ، أي ذوو الأضعاف من الحسنات، وهو التفات عن الخطاب إلى الغيبة.
فإن قيل: ما الحكمة في قوله تعالى: مِنْ قَبْلِهِ [الآية ٤٩] بعد قوله تعالى: مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ [الآية ٤٩] .
قلنا: فائدته التأكيد كما في قوله تعالى فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠)[الحجر] . وقيل الضمير لإرسال الرياح أو السحاب فلا تكرار.
فإن قيل: لم قال تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ [الآية ٥٤] والضعف صفة الشيء الضعيف، فكيف يخلق الإنسان من تلك الصفة، مع علمنا أنه خلق من عين، وهو الماء أو التراب، لا من صفة.
قلنا: أطلق المصدر وهو الضعف، وأريد به اسم الفاعل وهو الضعيف كقولهم: رجل عدل، أي: عادل ونحوه فمعناه من ضعيف وهو النطفة. وقيل: معناه على ضعف، «فمن» بمعنى «على» كما في قوله تعالى: وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا [الأنبياء: ٧٧] والمراد به ضعف جثّة الطفل في طفولته.
فإن قيل: لم قال تعالى: لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ [الآية ٥٦] وهم إنّما لبثوا في الأرض في قبورهم؟
قلنا: معناه لقد لبثتم في قبوركم على ما في علم كتاب الله، أو في خبر كتاب الله. وقيل معناه: في قضاء الله. وقيل فيه تقديم وتأخير تقديره: وقال الّذين أوتوا العلم في كتاب الله الّذين عملوه وفهموه، وذلك كقوله تعالى: وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٠٠)[المؤمنون] .
فإن قيل: لم قال تعالى هنا: وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٥٧) وقال في موضع آخر: وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (٢٤)[فصّلت] فجعلهم مرّة طالبي الإعتاب، ومرّة مطلوبا منهم الإعتاب؟
قلنا: معنى قوله تعالى: وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٥٧) أي ولا هم يقالون عثراتهم بالردّ إلى الدنيا، ومعنى قوله تعالى وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (٢٤)[فصلت] أي: وإن يستقيلوا فما هم من المقالين، هذا ملخّص الجواب وحاصله.