عبّاس رضي الله تعالى عنهما. وأمّا تضعيف المثوبة فلأنّهنّ أشرف من سائر النساء بقربهنّ من رسول الله (ص) ، فكانت الطاعة منهنّ أشرف كما كانت المعصية منهنّ أقبح.
فإن قيل: لم قال تعالى: يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ ولم يقل «كواحدة من النساء» [الآية ٣٢] ؟
قلنا: قد سبق نظير هذا مرّة في آخر سورة البقرة في قوله تعالى: لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ [البقرة: ٢٨٥] .
فإن قيل: لم أمر الله تعالى نساء النبي (ص) بالزّكاة في قوله سبحانه وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ [الآية ٣٣] ولم يملكن نصابا حولا كاملا؟
قلنا: المراد بالزّكاة هنا الصدقة النافلة، والأمر أمر ندب.
فإن قيل: ما الفرق بين المسلم والمؤمن، حتّى عطف أحدهما على الاخر، في قوله تعالى: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ [الآية ٣٤] مع أنّهما متّحدان شرعا؟
قلنا: المراد بالمسلم الموحّد بلسانه، وبالمؤمن المصدّق بقلبه.
فإن قيل: لم قال تعالى: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ [الآية ٤٠] مع أنه كان أبا للطّاهر والطّيّب والقاسم وإبراهيم (ع) ؟
قلنا: قوله تعالى مِنْ رِجالِكُمْ [الآية ٤٠] يخرجهم من حكم النّفي من وجهين: أحدهما أنهم لم يبلغوا مبلغ الرجال بل ماتوا صبيانا. والثاني: أنه أضاف الرجال إليهم. وهم كانوا رجاله لا رجالهم.
فإن قيل: لم قال تعالى: وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ [الآية ٤٠] وعيسى (ع) ينزل بعده، وهو نبيّ؟
قلنا: معنى كونه خاتم النبيين، أنّه لا يتنبّأ أحد بعده، وعيسى (ع) ممّن نبّئ قبله، وحينما ينزل عاملا بشريعة محمد (ص) مصلّيا إلى قبلته، كأنّه بعض أمته؟
فإن قيل: قوله تعالى: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ [الآية ٤٣] معناه يرحمكم ويغفر لكم، فما معنى قوله تعالى:
وَمَلائِكَتُهُ [الآية ٤٣] والرحمة والمغفرة منهم محال؟
قلنا: جعلوا لكونهم مستجابي الدعوة بالرحمة والمغفرة، كأنّهم فاعلو