الرحمة والمغفرة، كما يقولون: حيّاك الله: أي أحياك وأبقاك، وحيّا زيد عمرا: أي دعا له بأن يحييه الله اتّكالا منه على إجابة دعوته، ومثله قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ [الآية ٥٦] .
فإن قيل: قد فهم من قوله تعالى:
إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٤٥) وَداعِياً إِلَى اللَّهِ أنّه مأذون له في الدعاء إلى الله تعالى، فما الحكمة في قوله سبحانه بِإِذْنِهِ [الآية ٤٦] ؟
قلنا: معناه بتسهيله وتيسيره، وقيل معناه بأمره لا أنك تدعوهم من تلقاء نفسك.
فإن قيل: لم شبّه الله تعالى النبي (ص) بالسّراج دون الشمس، والشمس أتمّ وأكمل في قوله تعالى:
وَسِراجاً مُنِيراً (٤٦) ؟
قلنا: قيل إن المراد بالسّراج هنا الشمس كما في قوله تعالى: وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً (١٦) [نوح] وقيل إنما شبّه بالسّراج لأنّ السّراج يتفرّع ويتولّد منه سرج لا تعدّ ولا تحصى بخلاف الشمس، والنبي (ص) تفرّع منه بواسطة إرشاده وهدايته العلماء جميعهم من عصره إلى يومنا هذا، وهلم جرا إلى يوم القيامة وقيل إنّما شبّهه بالسّراج، لأنّه جلّ جلاله بعث النبي (ص) في زمان، يشبه الليل بظلمات الكفر والجهل والضلال.
فإن قيل: لم شبّهه بالسراج دون الشمع، والشمع أشرف، ونوره أتمّ وأكمل؟
قلنا: قد سبق الجواب عن مثل هذا، في قوله تعالى مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ [النور: ٣٥] .
فإن قيل: لم خصّ تعالى المؤمنات بعدم وجوب العدّة في الطلاق قبل المسيس، في قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ [الآية ٤٩] ، مع أن حكم الكتابيّة كذلك أيضا؟
قلنا: هذا خرج مخرج الأغلب والأكثر، لا تخصيص.
فإن قيل: لم أفرد سبحانه العمّ وجمع العمّات، وأفرد الخال وجمع الخالات، في قوله تعالى: وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ [الآية ٥٠] والمعهود في كلام العرب مقابلة الجمع بالجمع؟
قلنا: لأنّ العمّ اسم على وزن