للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي ألصقتها به. وعلى ذلك قول الشاعر «١» .

نمشّ «٢» بأعراف الجياد أكفّنا إذا نحن قمنا عن شواء مضهّب أي نلصق أيدينا بأعرافها، كما نلصقها بالمناديل الّتي تمسح بها الأيدي. وقد صرّح بذلك الشاعر الاخر «٣» فقال:

أعرافهنّ لأيدينا مناديل

والشاهد الأعظم على ذلك ما ورد في التنزيل من قوله سبحانه:

وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة: ٦] على قراءة من قرأ: (وأرجلكم) جرّا. أي ألصقوا المسح بهذه المواضع. وهذه الآية يستدل بها أهل العراق على أنّ استيعاب الرأس بالمسح ليس بواجب، خلافا لقول مالك. وقال لي الشيخ أبو بكر محمد بن موسى «٤» الخوارزمي- أدام الله توفيقه- عند بلوغي عليه في القراءة، من مختصر أبي جعفر الطّحاوي «٥» إلى هذه المسألة: سألت أبا علي الفارسي النحوي «٦» وأبا


(١) . هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، أمير شعراء الجاهلية.
(٢) . في الأصل «نمس» بالسين المهملة وهو تحريف من الناسخ، كما أنه ترك كلمة مضهب بدون نقط على الضاد المعجمة. والبيت من بائية امرئ القيس الّتي يقول في مطلعها:
خليليّ مرّا بي على أمّ جندب ... نقض لبانات الفؤاد المعذّب
انظر ديوان امرئ القيس (تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم) ص ٥٤.
(٣) . هو عبدة بن الطبيب الشاعر الجاهلي. والبيت كاملا هو.
ثمّت قمنا إلى جرد مسوّمة ... أعرافهنّ لأيدينا مناديل
ويقول ابن قتيبة في «الشعر والشعراء» : إنّه أخذه من قول امرئ القيس:
نمش بأعراف الجياد أكفّنا ... إذا نحن قمنا عن شواء مضهّب
(٤) . كدت أيأس من الحصول على ترجمة له إلى أن وجدته «في تاريخ بغداد» ج ٣ ص ٢٤٧. قالوا: ما شاهد الناس مثله في حسن الفتوى والإصابة فيها وحسن التدريس، وقد دعي إلى ولاية الحكم مرارا فامتنع منه. توفي سنة ٤٠٣ هـ- أي قبل وفاة الشريف الرضي بثلاث سنوات.
(٥) . هو الإمام أبو جعفر الطّحاوي المصري، برع في الفقه والحديث، وإليه انتهت رئاسة الحنفية بمصر، وتفقّه في مذهب الإمام أبي حنيفة حتى صار إماما. توفي سنة ٣٢١ هـ-.
(٦) . هو الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي، كان إماما في النحو والعربية. وتقدّمت ترجمته في الهامش عند الكلام على سورة طه.