للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الذاريات] فذكّر بعد التأنيث كأنه أراد:

هذا الأمر الذي كنتم به تستعجلون.

ومثله فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ [الأنعام: ٧٨] فيكون هذا على: الذي أرى ربّي أي:

هذا الشيء ربّي «١» ، وهذا يشبه قول بعض المفسّرين، في قوله تعالى أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ [الآية ١٨٧] قال: إنّما دخلت «إلى» لأن معنى «الرّفث» و «الإفضاء» واحد، فكأنه قال: الإفضاء إلى نسائكم» ، وإنّما يقال: «رفث بامرأته» ولا يقال:

«إلى امرأته» وذا عندي كنحو ما يجوز من «الباء» في مكان «إلى» في قوله تعالى: وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ [يوسف: ١٠٠] وإنّما هو «أحسن اليّ» فحذف «إلى» ووضع «الباء» مكانها «٢» وفي مكان «على» في قوله تعالى فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ [آل عمران: ١٥٣] إنّما هو «غمّا على غمّ» وقوله تعالى وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ «٣» أي: «على قنطار» كما تقول: «مررت به» و «مررت عليه» كما قال الشاعر «٤» - وأخبرني من أثق به أنه سمعه من العرب [من الوافر وهو الشاهد الرابع والعشرون] :

إذا رضيت عليّ بنو قشير ... لعمر الله أعجبني رضاها «٥»

يريد «عنّي» . وذا نحو وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ [الآية ١٤] لأنك تقول:

«خلوت إليه وصنعنا كذا وكذا» و «خلوت به» . وإن شئت جعلتها في معنى قوله تعالى مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ [آل عمران: ٥٢ والصف: ١٤] أي: «مع الله» ، وكما قال وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ [الأنبياء: ٧٧] أي: «على القوم» «٦» .


(١) . في الجامع ٧: ٢٧ و ٢٨ نقل هذا الرأي منسوبا مع تغيير في اللفظ وإشراك في النسبة إلى الكسائي، وفي إعراب القرآن ١: ٣٢٢ كذلك، وفي البحر ٤: ١٦٧ كذلك، مع عدم إشراك الكسائي. [.....]
(٢) . ولم تذكر كتب النحو في معاني حروف المباني، الّا فيام الباء مقام إلى في قوله تعالى وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ [يوسف: ١٠٠] المغني حرف الباء المغني الثالث عشر. وفي الأصل «إلى مكان الباء» وقد صححت العبارة فنسقت على العبارة التي بعدها. انظر الخبر الداني ١٠١.
(٣) . آل عمران ٣: ٧٥ في الأصل «بدينار» في الموضعين، وهو اللفظ الذي عليه الجملة الثانية في الآية الكريمة.
(٤) . هو القحيف العامري. مجاز القرآن ٢: ٨٤، والكامل ٢: ٥٣٨ ٣: ٨٢٤، وأدب الكاتب ٣٦٥.
(٥) . في الأصل لعمرو بالواو وفي المجاز «لعمر أبيك» .
(٦) . سبق للاخفش في الكلام على هذه الآية، أن أورد هذه الأمثلة نفسها، وهذه الشواهد تقريبا.