من حوله حاضرين شهودا، فهو منهم في أنس وعزوة، ومهّدت له الحياة ويسّرتها له تيسيرا ثمّ هو يطمع في مزيد من الثراء والجاه. كلا لن نزيده من نعمنا، بل سنذهب عنه كلّ ما أنعمنا به عليه، لأنّه كان معاندا ومعارضا لآيات القرآن الكريم سأكلّفه ما لا يطيق من كربة وضيق، كأنما يصعد في السماء، أو يصعد الجبال الوعرة الشاقة.
إنّه فكّر وتروّى: ماذا يقول في القرآن، وبماذا يصفه حينما سئل عن ذلك، ثمّ لعن كيف قدّر، ثم نظر إلى قومه في جدّ مصطنع، وقطّب وجهه عابسا، وقبض ملامح وجهه باسرا ليستجمع فكره، فقال: ما هذا القرآن إلّا سحر، ينقله محمّد عن السحرة، كمسيلمة وأهل بابل، وليس هذا من كلام الله، وإنّما هو من كلام البشر.
سأدخله سقر، وماذا تعلم عنها، إنّها شيء أعظم وأهول من الإدراك، لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ (٢٨) فهي تكنس كنسا، وتبلغ بلعا وتمحو محوا، فلا يقف لها شيء، ولا يبقى وراءها شيء، ولا يفضل منها شيء، وهي لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (٢٩) تلوّح الجلد فتحرقه وتغيّر لونه، على النار تسعة عشر، لا ندري:
أأفراد من الملائكة الغلاظ الشداد هم، أم صفوف، أم أنواع من الملائكة وصنوف.
[الآية ٣١] : ولم نجعل المدّبرين لأمر النار إلّا ملائكة، فمن يطيق الملائكة ومن يغلبهم.
وما جعلنا عددهم تسعة عشر إلّا امتحانا للذين كفروا، وليستيقن الذين أوتوا الكتاب بصحّة القرآن، لأنهم يرون أن ما يجيء فيه موافق لما في كتبهم. ويزداد الذين آمنوا ايمانا، وذلك بتصديق أهل الكتاب له.
وتستشعر قلوب المؤمنين بحكمة الله في هذا العدد، وتقديره الدقيق في الخلق. وتثبت هذه الحقيقة في قلوب أهل الكتاب، وقلوب المؤمنين، فلا يرتابون بعدها فيما يأتيهم من عند الله.
وليقول الذين في قلوبهم مرض النفاق، والكافرون: ماذا أراد الله بهذا العدد المستغرب استغراب المثل؟
كذلك يضلّ الله من يشاء من المنافقين والمشركين، لسوء استعدادهم، ويهدي من يشاء من المؤمنين، لتزكية نفوسهم، وتوجيه استعدادهم للخير، وما يعلم جموع