للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

روى التّرمذيّ «١» ، والنسائي، وابن ماجة: «أنّ العبد إذا أذنب ذنبا نكت في قلبه نكتة سوداء، فإن هو نزع، واستغفر، وتاب، صقل قلبه وإن عاد زيد فيها، حتّى تعلو، فهو الران، الذي قال الله تعالى: كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) .

وقال الحسن البصري: هو الذنب على الذنب يعمي القلب فيموت.

ثم يذكر السياق شيئا عن مصيرهم يوم القيامة، بقوله تعالى:

[الآيات ١٥- ١٧] : كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ (١٦) ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (١٧) .

فهم في يوم القيامة مطرودون من رحمة الله، محرومون من رؤيته في الآخرة، ثم إنّهم يصلون عذاب جهنّم، مع التأنيب والتقريع على تكذيبهم الحق، وإنكارهم البعث والجزاء فيقال لهم: هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (١٧) . [الآيات ١٨- ٢١] : إن كتاب الأبرار محفوظ في سجلّ ممتاز في أعلى مكان في الجنّة، وما أعلمك ما هذا المكان، فهو أمر فوق العلم والإدراك، كتاب مسطور فيه أعمالهم، وهو موضع مشاهدة المقرّبين من الملائكة، ومتعتهم بما فيه من كرائم الأفعال والصفات.

[الآيات ٢٢- ٢٨] : إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) إنّ الأبرار المتّقين الذين يؤمنون بالله، ويعملون أنواع البر من القربات والطاعات، هؤلاء ينعمون بنعيم الجنة، وهم على الأسرّة في الحجال «٢» ينظرون إلى ما أعدّ لهم من النعيم وترى على وجوههم آثار النعمة وبهجتها، يسقون خمرا مختومة بالمسك، وهي لا تسكر كخمر الدنيا وفي ذلك النعيم فليتسابق المتسابقون، وليرغب الراغبون بالمبادرة الى طاعة ربهم، باتّباع أوامره واجتناب نواهيه.

وهذا الشراب المعدّ لهم ممزوج بشراب آخر ينصبّ عليهم من عين


(١) . قال التّرمذي حسن صحيح، وللحديث روايات أخرى بألفاظ قريبة في المعنى
(٢) . الحجال: جمع حجلة والحجلة ستر يضرب في جوف البيت.