«إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق فإنّ المنبتّ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى» أخرجه البخاري. وفي التعامل يقول (ص) : «رحم الله رجلا سمحا إذا باع، وإذا اشترى وإذا اقتضى» أخرجه البخاري. «المؤمن يألف ويؤلف» ، أخرجه الدارقطني. «إن أبغض الرجال الى الله الألدّ الخصم» ، أخرجه الشيخان.
وسيرة الرسول (ص) كلّها صفحات من السماحة واليسر، والهوادة واللين، والتوفيق إلى اليسر في تناول الأمور جميعا.
«اختلف معه أعرابيّ، فأخذ النبيّ الأعرابيّ إلى بيته وزاده في العطاء حتّى رضي، وأعلن عن رضاه أمام الصحابة أجمعين» .
ولقد كان النبيّ كريم النفس، ميسّرا لحمل الرسالة في أمانة ويسر، ومودّة ورحمة، وعطف على الناس وحكمة، قال تعالى: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (١٠٧)[الأنبياء] وقال سبحانه:
وكان عليه الصلاة والسلام رحمة مهداة، فقد حارب لصدّ العدوان، وتبليغ الدعوة، ومنع الاضطهاد والفتنة عن الضعفاء والمستضعفين ومع ذلك كان آية في الإنسانية، فكان ينهى عن قتل النساء والأطفال، وينهى عن الغدر والخيانة، ويحثّ على الوفاء بالعهد في السلم والحرب، ولا عجب فقد جمع المكارم والمحامد، وصدق الله العظيم إذ قال: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)[القلم] .
[الآية ٩] : فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى (٩) لقد يسّره الله لليسرى، لينهض بالأمانة الكبرى، ليذكّر الناس فلهذا أعدّ، ولهذا بشّر، فذكّر حيثما وجدت فرصة للتذكير، ومنفذا للقلوب ووسيلة للبلاغ.
قال النيسابوري في تفسير الآية: إن تذكير العالم واجب في أوّل الأمر، وأمّا التكرير فالضابط فيه هو العرف، فلعلّه إنّما يجب عند رجاء حصول المقصود، فلهذا أردف بالشرط حيث قال تعالى: فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى (٩) .
وقال الإمام محمد عبده: «وليس الشرط قيدا في الأمر فقد أجمع أهل الدين- سلفهم وخلفهم- على أنّ