للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من مخالفاتهم فيها، وتوصلهم إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، وهم الذين ينفقون في السّرّاء والضّرّاء، إلى غير ذلك مما ذكره من أوصافهم. ثم ذكر لهم أنه قد حصلت سنن من قبلهم فيما بين المؤمنين والمكذبين انتهت بهلاك المكذبين، وذكر أن في هذا بيانا وهدى وموعظة لهم، ونهاهم أن يهنوا ويحزنوا لما أصابهم وهم الأعلون، وإذا كانوا قد مسّهم قرح في غزوة أحد، فقد مس المشركين قرح مثله في غزوة بدر، والأيام دول بين الناس، ومثل هذا يميز الله به بين المؤمنين الصادقين وغيرهم، ويتخذ به شهداء يكونون قدوة في الشهادة لمن بعدهم، وقد كانوا يتمنون الشهادة فقد رأوها في إخوانهم وهم ينظرون. ثم ذكر لهم أن محمدا (ص) ما هو إلّا رسول قد خلت من قبله الرسل، ووبخهم على فرارهم إلى المدينة حينما أشيع أنه قد قتل، وذكر أن كل نفس لها أجل لا يقدمه القتال ولا يؤخره الفرار، وأن من يرد ثواب الدنيا فيفرّ من القتال يؤته منها ويحرمه ثواب الآخرة، ومن يرد ثواب الآخرة يؤته منها ولا يحرمه ثواب الدنيا، ثم ذكر أن كثيرا من الأنبياء قاتل معهم ربّيّون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله، فنصرهم الله على أعدائهم، وآتاهم ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة. ثم أخذ يحذر المؤمنين من إطاعة الكافرين في التأثير عليهم بهزيمتهم، لأنهم قالوا لهم: لقد وعدكم النصر ولو كان صادقا ما هزمتم. فذكر لهم أنه مولاهم وهو خير الناصرين، وأنه سيلقي في قلوب الكافرين الرّعب مع انتصارهم في أحد فلا ينتصرون بعده، وأنه صدقهم وعده في أحد فنصرهم في أول الأمر، ولم يهزموا إلا بعد أن خالف الرّماة أمره، فلم يثبت إلا قليل منهم في أماكنهم التي أمروا بالثبات فيها ولو نصروا، وتركها أكثرهم إلى جمع الغنائم فأخذوا من ورائهم، ثم ذكر أنهم انهزموا بعد هذا لا يلوون على أحد ولا يسمعون دعاء النبي (ص) لهم بالرجوع إليه، فأثابهم الله غمّ أحد بدل غم المشركين في بدر، لكيلا يحزنوا على ما فاتهم ولا ما أصابهم. ثم ذكر أنه بعد هذا ثبّت قلوب الذين ثبتوا مع النبي (ص) فصمدوا للمشركين، وأن الذين انهزموا أهمتهم أنفسهم وظنوا بالله غير الحق فيما وعدهم به، وردّدوا ما قاله المنافقون في هزيمتهم، وما كان ذلك