للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العدل والتوحيد فقال في حاشيته:

«قوله: «فقد آذن أن الإسلام هو العدل تعسف لا يقتضيه النظم الكريم، لكن دعا إليه التعصب ... وبالجملة فالعدل والتوحيد لم ينحصرا في مذهب المعتزلة» .

٧- وقال تعالى: فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ [الآية ٢٠] .

القول في «اتّبعن» أن الأصل هو «اتبعني» بالياء التي هي ياء المتكلم.

فلم اجتزئ بالنون المكسورة عن مدة الياء التي يقتضيها المعنى، كما يقتضيها سنن العربية؟ ولم خرج خط المصحف على الأصل؟

لن يكون القول بأن خط المصحف توقيف لا يقاس عليه، جوابا عن هذين السؤالين على صدق هذا القول وأصالته.

وأرى أن لغة القرآن قد أصابت كل الإصابة في هذا الرسم، ذلك أن المسألة ليست مسألة رسم خاصة بلغة التنزيل، بل إنها مسألة تتصل بإجادة النظم والحفاظ على نسق موقّع موزون، يخدم الكلمة في بنائها الخاص، كما يخدمها في مجاورتها لما بعدها. ألا ترى أن الاجتزاء بهذا المدّ القصير الذي توفره الكسرة بعد النون عن المد الطويل الذي يتحقق بالياء، يخدم الآية من قوله: فَإِنْ حَاجُّوكَ، فيجنّبها شيئا من الطول، وبذلك يحسن الوقف، والوقف هنا شيء جائز لأرباب التلاوة الفنية، والوقف أحسن من الوصل على جوازه. كل ذلك من تمام حسن الأداء لهذه اللغة الشريفة المختارة.

ولو أنك استقريت النماذج الكريمة في آي القرآن التي صير فيها إلى المدّ، وإلى قصره ابتغاء حسن الأداء لوجدت من ذلك الشيء الكثير الذي يثبت أن العربية في القرآن، على إصابتها الفائقة في المعاني، والتحليق في مدارج الفكر، قد عنيت باللفظ وبنائه عناية توفر الحسن والجمال والفن والإبداع.

ألا ترى أن الهاء من «فيه» محركة بالكسرة، وأنها في «عنه» محركة بالضمة، ولكنك تجد هذه الهاء في «به» محركة بالكسرة تتبعها في الرسم المصحفي ياء صغيرة؟

إن هذه الياء الصغيرة بعد الهاء من ( «به» ي) ، إشارة إلى القارئ: أنه ملزم