ومثل هذه الآيات آيات أخرى استعمل فيها الفعل هذا الاستعمال.
وقد يطوى ذكر المكان الذي يصير إليه الداخل، فيكون الدخول على الآدميين، وهنا لا بد من حرف الجر «على» كما في الآيات التي نوردها:
وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَخاهُ [يوسف/ ٦٩] .
إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ [ص/ ٢٢] .
وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (٢٣) [الرّعد] .
وقد يظهر المكان المدخول فيه مع ذكر الآدميين كقوله تعالى:
كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً [الآية ٣٧] .
وقد استعمل فعل الدخول في بضع آيات، قاصرا لازما غير متصل بمتعلق به كقوله تعالى:
كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها.
[الأعراف/ ٣٨] .
وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا [الأحزاب/ ٥٣] .
لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ [يوسف/ ٦٧] .
ومن غير شك أن المتعلق وهو الاسم المكاني، أو المدخول عليهم من الآدميين قد طوي ذكره في هذه الآية لعدم الحاجة إليه، وعلى هذا فالاستعمال واحد.
هذا كله يتصل باستعمال فعل الدخول في المحسوسات من الأسماء الدالة على الأمكنة والظروف المكانية، واستعماله في الدخول على العاقل من الآدميين، فإذا كان الدخول في الأمور العقلية، أو ما يدعى بأسماء المعاني فالاستعمال يختلف، وذلك أن الفعل يتطلب في هذه الحال حرف الجر «في» أو «الباء» كقوله تعالى:
وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً (٢) [النصر] .
وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ [المائدة/ ٦١] .
وقد يحمل على استعمال الفعل في الأمور المعنوية قوله تعالى:
فَادْخُلِي فِي عِبادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي (٣٠) [الفجر] .
والمراد بالدخول في العباد الاتصال بهم والعيش بينهم فجاز استعمال «في» ، في حين عطف عليه قوله: