وَادْخُلِي جَنَّتِي (٣٠) وذلك لأن المدخول فيه من الأسماء الدالة على المكان.
ومن المفيد أن نشير إلى أن استعمال هذا الفعل يجاوز حقيقته مجازا لعلاقة من العلاقات، فيصير الدخول بالزوج أي: المرأة بمعنى البناء بها، والتزوج منها كقوله تعالى:
فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ [النساء/ ٢٣] .
١٠- قال تعالى: وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (٥٤) .
أقول: لا أريد أن أعرض لمكر بني إسرائيل، وكيف قابلهم الله على مكرهم جزاء وعقوبة، ولكني أود أن أقف على المكر ومعناه، وكيف ساغ أن ينسب إلى الله، جلّ شأنه.
قال تعالى: وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٥٠) [النمل] .
قال أهل العلم بالتأويل: المكر من الله تعالى جزاء سمّي باسم مكر المجازى، كما قال تعالى: وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها [الشورى/ ٤٠] .
فالثانية ليست بسيّئة في الحقيقة، ولكنها سمّيت سيئة لازدواج الكلام، وكذلك قوله تعالى: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ [البقرة/ ١٩٤] .
فالأول ظلم، والثاني ليس بظلم، ولكنه سمّي باسم الذّنب ليعلم أنّه عقاب عليه وجزاء به، ويجري مجرى هذا القول قوله تعالى:
إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ
[النساء/ ١٤٢] .
وفي حديث الدعاء: «اللهم امكر لي ولا تمكر بي» .
قال ابن الأثير: مكر الله إيقاع بلائه بأعدائه دون أوليائه.
أقول:
هذه حقيقة المكر، وهذه حقيقة نسبته إلى الله، جلّ وعزّ، ولم يلتفت أهل العربية في عصرنا إلى حسن استعمال هذه الكلمة في لغة التنزيل، بل ظلّت الكلمة على ما نعرف من دلالة الخديعة والاحتيال.
١١- وقال تعالى: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ [الآية ١١٢] .
الفعل «ثقف» بهذه الدلالة عرفته لغة التنزيل في ست آيات، في أربع منها جاء مبنيا للمعلوم، وفي اثنتين ورد