و «خير أمة» نصب على الحال وتمام الكلام في «كان» يذكر في قوله تعالى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً [النساء/ ٢٢] .
فإن قيل: لم قال تعالى وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ [الآية ١١٠] ولا يصحّ أن يقال: هذا خير من هذا إلا إذا كان في كل واحد منهما خير، مع أن غير الإيمان لا خير فيه حتى يقال: إن الإيمان خير منه؟
قلنا: معناه أنّ إيمانهم بمحمد (ص) مع إيمانهم بموسى وعيسى (ع) ، خير من إيمانهم بموسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام فقط.
فإن قيل: لم قال تعالى: ثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ
[الآية ١١٧] ، والمقصود:
تشبيه نفقة الكفار وأموالهم في تحصيل المفاخر وطلب الصيت والسمعة، أو ما ينفقونه في الطاعات مع وجود الكفر، أو ما ينفقونه في عداوة رسول الله (ص) ، تشبيه ذلك كله بالزرع الذي أصابته ريح شديدة البرد فأهلكته فضاع ولم ينتفع به، والتشبيه في الحقيقة بالزرع، وفي لفظ الآية بالريح؟
قلنا: فيه إضمار تقديره: مثل إهلاك ما ينفقون كمثل إهلاك ريح فيها صرّ، أو مثل ما ينفقون كمثل مهلك ريح، ونظيره قوله تعالى مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ [البقرة/ ٢٦١] ، وقوله تعالى وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ [البقرة/ ١٧١] الآية. وقال ثعلب: فيه تقديم وتأخير تقديره: كمثل حرث قوم ظلموا أنفسهم أصابته ريح فيها صرّ فأهلكته.
فإن قيل: لم قال تعالى إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها [الآية ١٢٠] فوصف الحسنة بالمس، والسيئة بالإصابة؟
قلنا: المس مستعار بمعنى الإصابة توسعة في العبارة: وإلا كان المعنى واحدا، ألا ترى إلى قوله تعالى في الفريقين: ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ [النساء/ ٧٩] وقوله إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (١٩) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (٢٠) - وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (٢١)[المعارج] .
فإن قيل: لم قال تعالى وَسارِعُوا [الآية ١٣٣] والنبي عليه أفضل التحية يقول: «العجلة من الشيطان والتأني من الرحمن» ؟