للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: على هذا يكون تأكيدا.

فإن قيل: لم قال تعالى رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ [الآية ١٩٢] وقال في موضع آخر يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ [التحريم/ ٨] ويلزم من هذا أن لا يدخل المؤمنين النار كما قالت المعتزلة والخارجية؟

قلنا: أخزيته بمعنى أذللته وأهنته من الخزي وهو الذل والهوان، وقوله تعالى يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ من الخزاية وهي النكال والفضيحة، فكل من يدخل النار يذل وليس كل من يدخلها ينكل به ويفضح، أو المراد بالآية الأولى إدخال الإقامة والخلود، لا إدخال تحلّة القسم المدلول عليها بقوله تعالى وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها [مريم/ ٧١] أو إدخال التطهير الذي يكون لبعض المؤمنين بقدر ذنوبهم، وقيل إن قوله تعالى يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ كلام مبتدأ غير معطوف على ما قبله.

فإن قيل: لم قال تعالى سَمِعْنا مُنادِياً [الآية ١٩٣] والمسموع نداء المنادي لا نفس المنادي؟

قلنا: لما قال «مناديا ينادي» ، صار تقديره: نداء مناد، كما يقال سمعت زيدا يقول كذا: أي سمعت قول زيد.

ف «مناديا» مفعول سمع، وينادي حال دالة على محذوف مضاف للمفعول.

فإن قيل: ما الحكمة من قوله تعالى رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا [الآية نفسها] وتكفير السيئات داخل في غفران الذنوب؟

قلنا: المعنى مختلف، لأن الغفران مجرد فضل، والتكفير محو السيئات بالحسنات.

فإن قيل: ما الحكمة من قوله تعالى وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ (١٩٣) مع انه لا ينفع التوفّي مع الأبرار، بل النافع ان يكون المرء من الأبرار، سواء أتوفي معهم، أم قبلهم، أم بعدهم؟

قلنا: معناه وتوفّنا مخصوصين بصحبتهم معدودين في جملتهم، كما يقال أعطاني الأمير مع أصحاب الخلع والجوائز: أي جعلني من جملتهم، وإن تقدم إعطاؤه عنهم أو تأخر.

فإن قيل: كيف قال وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ [الآية ١٩٤] أي على لسان رسلك دعوه بإنجاز الوعد مع علمهم، وقولهم أيضا إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ (١٩٤) ؟