للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أيضا من مقطوعة في النسيب «١» :

لئن كنت أخليت المكان الذي أرى ... فهيهات أن يخلو مكانك من قلبي

وبعد، فكيف هو الأسلوب في العربية المعاصرة؟

لا نعرف في العربية المعاصرة إلا الأسلوب الذي جرى على خلاف ما اشتهرت فصاحته، ودلت عليه لغة التنزيل العزيز، وذلك أن المعربين جروا على أن الأسلوب هو أسلوب الشرط، وأن الجواب فيه جواب للشرط فيقال:

ولئن فاتنا شيء من ذلك، فلم يفتنا ما هو ضروري.

وأنت تجد مثل هذا الأسلوب جاريا شائعا في كتابة الأديب وغير الأديب.

٩- وقال تعالى: وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً [الآية ١٠٠] .

قالوا:

والمراغم: السّعة والمضطرب، وقيل: المذهب والمهرب في الأرض.

وقال الزّجّاج في قوله تعالى: يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً معنى مراغما مهاجرا، المعنى يجد في الأرض مهاجرا لأنّ المهاجر لقومه والمراغم بمنزلة واحدة، وإن اختلف اللفظان، وأنشد:

إلى بلد غير نائي المحلّ ... بعيد المراغم والمضطرب

وقال: وهو مأخوذ من الرّغام وهو التراب.

ويقال: راغمت الرجل إذا فارقته وهو يكره مفارقتك لمذلّة تلحقه بذلك، قال النابغة الجعدي:

كطود يلاذ بأركانه عزيز المراغم والمذهب أقول: وأكبر الظن أن «المراغم» من كلم القرآن، ذلك أن البيت الذي أنشده أبو إسحاق لا نعرف من أمره ونسبته شيئا، والنابغة الجعدي شاعر إسلامي.

على أن هذا لا يمنع أن تكون الكلمة معروفة في العربية قبل الإسلام، ولكني أقول بأن الاستعمال القرآني خصص هذه اللفظة باسم المكان فجاءت على زنة اسم المفعول، وذلك جار في غير الثلاثي من الأفعال.


(١) . المصدر السابق ص: ٧٩.