والعبد لا يستحق على مولاه أجرا لأنه ليس بأجير له إنما هو عبد قنّ؟
قلنا: معناه وجب من جهة أنه وعد عباده أنه لا يضيع أجر من أحسن عملا، والخلف في وعده عز وجل محال، فالوجوب من هذه الجهة، مع أن ذلك الوعد ابتداء فضل منه.
فإن قيل: كيف شرط في إباحة القصر للمسافر خوف العدو بقوله سبحانه: وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ [الآية ١٠١] ، والقصر جائز مع أمن المسافر؟
قلنا: خرج ذلك مخرج الغالب لا مخرج الشرط، وغالب أسفار رسول الله عليه الصلاة والسلام وأصحابه لم تخل من خوف العدو فصار نظير قوله تعالى فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً [النور/ ٣٣] ، الثاني أن الكلام قد تم عند قوله تعالى أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ [الآية ١٠١] وقوله إِنْ خِفْتُمْ كلام مستأنف، وجوابه محذوف تقديره: فاحتاطوا أو تأهبوا. الثالث أن المراد به القصر من شروطها وأركانها حالة اشتداد الخوف بترك الركوع والسجود والنزول عن الدابة واستقبال القبلة ونحو ذلك، لا من عدد الركعات، وذلك القصر مشروط بالخوف.
فإن قيل لم قال تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً (١٠٣) و «كان» لفظ دال على الماضي، والصلاة في الحال وإلى يوم القيامة أيضا على المؤمنين فرض موقت؟
قلنا «كان» في القرآن العزيز على خمسة أوجه: كان بمعنى الأزل والأبد كما في قوله تعالى: وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (٩٢) . وكان بمعنى المضيّ المنقطع كما في قوله تعالى: وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ [النمل/ ٤٨] وهو الأصل في معاني «كان» كما تقول:
كان زيد صالحا أو فقيرا أو مريضا ونحو ذلك. وكان بمعنى الحال كما في قوله تعالى إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً (١٠٣) . وكان بمعنى الاستقبال كما في قوله تعالى:
وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ (٧٤)[ص] أي صار.
فإن قيل لم قال تعالى: وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ [الآية ١٠٤] والكافرون أيضا يرجون الثواب في محاربة المؤمنين، لأنهم يعتقدون أن دينهم حق، وأنهم ينصرون دين الله ويذبون عنه ويقاتلون أعداءه، كما يعتقد المؤمنون، فالرجاء مشترك؟