انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ [آل عمران/ ١٤٤] أي لا تولّوا عن دينكم وتشكوا بعد يقينكم، فتكونا كالمتقهقر الراجع، والمتقاعس الناكص.
وقوله تعالى: فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ (٣٠) وهذه استعارة. والمراد: سوّلت له، وقرّبت عليه نفسه، ففعل. وطوّعت:
فعّلت من الطوع، اي سهلت نفسه عليه ذلك، حتى أتاه طوعا، وانقاد إليه سمحا.
وقوله تعالى: أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً [الآية ٣٢] وأحياها هنا استعارة. لأن إحياء النفس بعد موتها لا يفعله إلا الله تعالى. وإنما المراد: من استبقاها وقد استحقت القتل، واستنقذها وقد أشرفت على الموت. فجعل سبحانه فاعل ذلك بها كمحييها بعد موتها. إذا كان الاستنقاذ من الموت، كالإحياء بعد الموت.
وقوله سبحانه مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ [الآية ٤١] ، وهذه استعارة. لأن صفة الإيمان والكفر إنما يوصف بها الإنسان دون القلب. والمراد: أنهم آمنوا بالظواهر، وكفروا بالبواطن.
قوله سبحانه: وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ [الآية ٤٨] .
وهذه استعارة. وقد تقدّم مثلها.
والمعنى: مصدّقا بما سلف قبله من الكتاب الذي هو الإنجيل الصحيح.
واستعير ذكر اليدين هاهنا، كما يقول القائل إذا سأله غيره عن راكب مرّ به:
هو بين يديك. أي قد سار أمامك.
ومهيمنا عليه: أي شاهدا عليه. فهذه ايضا استعارة أخرى. والمراد: أنّ ما في هذا الكتاب من وضوح الدلالة، يقوم مقام النطق بصحة الشهادة.
وقوله تعالى: وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ [الآية ٤٨] . وهذه استعارة. والمراد:
ولا تطع أمرهم، ولا تجب داعيهم، فأقام سبحانه أهواءهم مقام الدعاة إلى الرّدى، والهداة إلى العمى.
وقوله تعالى: اسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ
[الآية ٤٨] . وهذه استعارة عجيبة:
والمعنى: فبادروا فعل الخيرات إن كنتم على غير أمان من حضور الأجل، وتضييق الأمل. وذلك شبيه بسباق الخيل، لأن كل واحد من فرسانها