«الرجوع» أيضا، فاقتضى استعمال «إلى» .
ولمّا كان أصل المعنى السير والترفق، فهو قريب من الفتور، فقالوا: «هوّد الشراب» . ألا ترى أن في ذلك شيئا من مقلوب «هدأ» مثلا؟
ثم من المفيد أن نذكر أن العامة في الحواضر العراقية يقولون: «هوّد الألم» ، في الكلام على الجراحات والأوجاع.
٣٦- وقال تعالى: وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً [الآية ١٦٠] .
والمراد ب «الأسباط» القبائل، ومن أجل ذلك قيل: اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مطابقة. وحقيقة الأسباط أولاد الولد جمع سبط، والسبط مذكر، ولكنه أريد به القبيلة، وهم أسباط اليهود من ولد يعقوب (ع) .
٣٧- وَقُولُوا حِطَّةٌ [الآية ١٦١] .
وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ [البقرة: ٥٨] .
وقال الزجّاج: معناه قولوا مسألتنا حطّة، أي: حطّ ذنوبنا عنّا، أو أمرنا حطّة، قال: ولو قرئت (حطّة) بالنصب كان وجها في العربية، كأنه قيل لهم:
قولوا احطط عنّا ذنوبنا حطّة، فحرّفوا هذا القول وقالوا لفظة غير هذه اللفظة التي أمروا بها، وجملة ما قالوا أنّه أمر عظيم، سمّاهم الله به فاسقين.
وقال الفرّاء: قولوا ما أمرتم به حطّة، أي: هي حطّة، فخالفوا إلى كلام بالنّبطية، فذلك قوله تعالى:
فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ [البقرة: ٥٩] .
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس: أنهم قالوا «حنطة» حينما بدّلوا.
٣٨- وقال تعالى: إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً [الآية ١٦٣] .
والمعنى إذ يتجاوزون حدّ الله فيه، وهو اصطيادهم في يوم السبت، وقد نهوا عنه، وأمروا بأن لا يشتغلوا فيه بغير العبادة.
والسّبت: مصدر سبت اليهود، إذا عظّموا سبتهم بترك الصيد والاشتغال بالتعبّد.
أقول: السبت من الكلم السامي