في جواهر وأجسام، فتتصور أعمال المطيعين في صورة حسنة، وأعمال العاصين في صورة قبيحة، ثم يزنها والله على كل شيء قدير.
فإن قيل: لم قال تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ [الآية ١١] وكلمة ثم للترتيب، وخطاب الملائكة، عليهم السلام، بالسجود، سابق على خلقنا وتصويرنا؟
قلنا: المراد ولقد خلقنا أباكم، ثم صوّرناه بطريق حذف المضاف. وقيل المراد: ولقد خلقنا أباكم، ثمّ صوّرناكم في ظهره. والقول الأول أظهر.
فإن قيل: لم قال تعالى لإبليس فَاهْبِطْ مِنْها فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها [الآية ١٣] أي في السماء، وليس له ولا لغيره أن يتكبر في الأرض أيضا.
قلنا: لما كانت السماء مقرّ الملائكة المطيعين، الذين لا توجد منهم معصية أصلا، كان وجود المعصية منهم أقبح، فلذلك خصّ مقرهم بالذكر.
فإن قيل: لم أجيب إبليس الى الإنظار، وإنّما طلب الإنظار ليفسد أحوال عباد الله تعالى، ويغويهم؟
قلنا: لما في ذلك من ابتلاء العباد، ولما في مخالفته من عظم الثواب، ونظير ذلك ما خلقه الله تعالى في الدنيا من أصناف الزخارف، وأنواع الملاذّ والملاهي، وما ركّبه في الأنفس من الشهوات، ليمتحن بها عباده.
فإن قيل: لم قال تعالى فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما [الآية ٢٠] ولم يكن غرضه من الوسوسة كشف عورتهما، بل إخراجهما من الجنة، ويؤيّده قوله تعالى فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ [الآية ٣٦] ؟
قلنا: اللام في لِيُبْدِيَ لام العاقبة والصيرورة، لا لام كي، كما في قوله تعالى فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً [القصص: ٨] وقول الشاعر:
لدوا للموت وابنوا للخراب ... فكلّكم يصير إلى التّراب
فإن قيل: أيّ آية لله تعالى، في اللباس والكسوة، حتى قال تعالى في آية اللباس والكسوة ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ [الآية ٢٦] ؟