قلنا: معناه أنّ اللباس والكسوة للإنسان خاصة، علامة من العلامات الدالّة على أن الله تعالى فضّله على سائر الحيوانات، وقيل معناه: ذلك من نعم الله.
فإن قيل: لم قال تعالى في حقّ إبليس يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما [الآية ٢٧] ونازع لباسهما هو الله تعالى؟
قلنا: لمّا كان ذلك السبب، بسبب وسوسته وإغوائه أضيف النزع إليه، كما يقال: أشبعني الطعام وأرواني الشراب، والمشبع والمروي في الحقيقة، إنّما هو الله تعالى، وهما سبب.
فإن قيل: لم قال تعالى كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (٢٩) وهو بدأنا أوّلا نطفة، ثمّ علقة، ثمّ مضغة، ثمّ عظاما، ثمّ لحما كما ذكر، ونحن لا نعود عند الموت، ولا عند البعث بعد الموت، على ذلك الترتيب؟
قلنا: معناه كما بدأكم أوّلا من تراب، كذلك تعودون ترابا. وقيل معناه: كما أوجدكم أوّلا بعد العدم، كذلك يعيدكم بعد العدم، فالتشبيه في نفس الإحياء والخلق، لا في الكيفيّة والترتيب. وقيل معناه: كما بدأكم سعداء وأشقياء، كذلك تعودون، ويؤيّده تمام الآية، وقيل معناه: كما بدأكم لا تملكون شيئا كذلك تعودون، كما قال تعالى وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى [الأنعام: ٩٤] .
فإن قيل: لم قال تعالى مخبرا عن الزينة والطيّبات قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا [الآية ٣٢] مع أن الواقع المشاهد، أنّها لغير الذين آمنوا أكثر وأدوم؟
قلنا: فيه إضمار، تقديره: قل هي للذين آمنوا غير خالصة في الحياة الدنيا، لأن المشركين شاركوهم فيها خالصة للمؤمنين في الاخرة.
فإن قيل: لم قال تعالى: وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣) والميراث عبارة عمّا ينتقل من ميت إلى ميت، وهو مفقود هنا؟
قلنا: هو على تشبيه أهل الجنة وأهل النار، بالوارث وبالموروث عنه. وذلك أن الله تعالى، خلق في الجنة منازل للكفار على تقدير الايمان، فمن لم يؤمن منهم، جعل منزله لأهل الجنّة.