فإن قيل: لم قال موسى (ع) وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (١٤٣) وقد كان قبله كثير من المؤمنين، وهم الأنبياء ومن آمن بهم؟
قلنا: معناه، وأنا أوّل المؤمنين بأنّك يا الله، لا ترى بالحاسّة الفانية من الجسد الفاني، في دار الفناء. وقيل معناه: وأنا أوّل المؤمنين من بني إسرائيل في زماني. وقيل أريد بالأوّل الأقوى والأكمل في الإيمان، يعني كأنّ القول: لم يكن طلبي للرؤية لشكّ عندي في وجودك أو لضعف في إيماني، بل لطلب مزيد الكرامة.
فإن قيل: لم قال تعالى: وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها [الآية ١٤٥] أي التوراة، وهم مأمورون بالعمل بكلّ ما في التوراة؟
قلنا: معناه بحسنها وكلّها حسن.
الثاني أنهم أمروا فيها بالخير ونهوا عن الشر، ففعل الخير أحسن من ترك الشر. الثالث أن فيها حسنا وأحسن كالاقتصاص والعفو، والانتصار والصبر، والواجب والمندوب والمباح، فأمروا بالأخذ بالعزائم والفضائل، وما هو أكثر ثوابا.
فإن قيل: لم قال تعالى وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ [الآية ١٤٨] واتّخاذهم العجل كان في زمن موسى (ع) بالنقل، وفي سياق الآية ما يدلّ على ذلك.
قلنا: معناه من ذهابه إلى الجبل.
وقيل من بعد الأخذ عليهم أن لا يعبدوا غير الله.
فإن قيل: لم عبّر عن الندم بالسقوط في اليد، في قوله تعالى وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ [الآية ١٤٩] وأي مناسبة بينهما؟
قلنا: لأنّ من عادة من اشتدّ ندمه وحسرته على فائت، أن يعضّ يده غمّا، فتصير يده مسقوطا فيها، لأنّ فاه قد رفع فيها و «سقط» مسند إلى «في أيديهم» ، وهو من كنايات العرب كقولهم للنائم: ضرب على أذنه.
فإن قيل: لم قال تعالى غَضْبانَ أَسِفاً [الآية ١٥٠] وهما متقاربان في المعنى؟
قلنا: لأن الأسف الحزين، وقيل الشديد الغضب ففيه فائدة جديدة.
فإن قيل: لم قال تعالى أَخَذَ الْأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ [الآية ١٥٤] ولم يقل وفيها، وإنّما يقال