ورئاء الناس، وقد غرّهم الشيطان وأخبرهم بأنه جار لهم، فلما تراءت الفئتان للقتال فرّ منهم، لأنه رأى ما لم يروه من مدد الملائكة للمؤمنين ثم ذكر ما كان من استحقار المنافقين واليهود، لقلّة عددهم ورميهم لهم بالغرور لخروجهم بهذا العدد القليل، مع أن من يتوكل على الله ينصره ولو كان قليل العدد، ثم ذكر ما كان من الملائكة الذين سلّطهم على المشركين يتوفّونهم ويضربون وجوههم وأدبارهم، ويأمرونهم أن يذوقوا عذاب الحريق بما قدمت أيديهم ثم ذكر أنه أخذهم بهذا أخذ آل فرعون والذين كفروا من قبلهم بذنوبهم، لأنه لا يغيّر نعمة أنعمها على قوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم.
ثم ذكر أن أولئك المنافقين واليهود الذين رموا المؤمنين بالغرور لقلة عددهم شر الدوابّ عنده، لجهلهم ونقضهم عهودهم عهدا بعد عهد ثم أمر النبي (ص) إذا وجدهم في الحرب، أن يفعل بهم ما يشرد به من خلفهم من أعدائه، وإذا خاف منهم خيانة أن ينبذ إليهم عهدهم نبذا ظاهرا، بألّا يبادرهم بالحرب قبل علمهم بنبذ العهد.
ثم أوعد الكفار جميعا، بأنه لا يعجزه أن يصيبهم بمثل ما أصابهم يوم بدر، وأمر المؤمنين أن يعدّوا لقتالهم ما استطاعوا من آلات الحرب ليرهبوهم بذلك، ويرهبوا من يبطن لهم العداوة من المنافقين واليهود، ثم أمره إذا جنحوا بعد ذلك للسلم أن يجنح لها وذكر أنهم إن يريدوا خداعه بها فإنه هو حسبه، وهو الذي أيّده بنصره وبالمؤمنين، ثم أمره أن يحرّضهم دائما على القتال، ووعدهم بأنهم إن يكن منهم عشرون صابرون يغلبوا مائتين، وإن يكن منهم مائة صابرة تغلب ألفا، ثم خفف عنهم وأمرهم أن يثبتوا المائة منهم لمائتين، والألف لألفين.
ثم عاتب النبي (ص) والمسلمين على اتخاذهم الأسرى في غزوة بدر، لأنه لا يصح له اتخاذ الأسرى من الكفار إلا بعد أن يثخن فيهم بالقتل، ليضعف جمعهم، ويقلّ عددهم ثم ذكر أنهم آثروا الأسر طمعا في الفداء، ولولا أنه لا يعذب إلّا بعد الإنذار لمسّهم فيما أخذوا عذاب عظيم ثم أباح لهم بأن يأكلوا ممّا أخذوه من الفداء، لئلّا يفهموا من ذلك أنه محرّم عليهم ثم أمره أن يذكر لمن قاتل مع