للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والخلاف، وشاقّه يشاقّه مشاقّة وشقاقا:

خالفه.

وقال الزجاج في قوله تعالى:

وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (٥٣) [الحج] .

الشّقاق: العداوة بين فريقين، والخلاف بين اثنين سمّي ذلك شقاقا، لأنّ كلّ فريق من فريقي العداوة قصد شقّا، أي ناحية غير شقّ صاحبه.

أقول: والكثير ممّا جاء على «فاعل» من المضاعف أن يدغم في الماضي والمضارع، غير أن الفعل في الآية قد قرئ بفكّ الإدغام، وحرّك بالكسر لسكون اللام بعده، وذلك خير من إبقاء الإدغام، وتحريكه بكسر أو فتح لوقوع الساكن بعده، ولولا هذا لكان الإدغام واجبا، وهذا شيء من لطائف هذه اللغة الشريفة، على أن العربية تجيز إبقاء الإدغام في مثل هذه الحال، وسيأتي شيء من هذا.

٤- وقال تعالى: وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ [الآية ١٦] .

المراد بقوله تعالى: مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ هو الكرّ بعد الفرّ، يخيّل الى عدوّه أنه منهزم، ثم يعطف عليه. وهو باب من خدع الحرب ومكايدها.

أقول: و «التّحرّف» بهذه الخصوصية المعنوية من الكلم المفيد، الذي ينبغي أن يصار إليه في مثل هذه الأحوال والظروف في عصرنا فهو من الكلم الخاص، الذي يخص ظرفا خاصا، كما يخصّ جماعة المعنيين بالقتال.

وطبيعي أن «التحرّف» من معنى الميل، والعدول إلى جهة ما.

وأما قوله تعالى: أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ، أي: منحازا إلى جماعة أخرى من المسلمين، سوى الفئة التي هو فيها.

والتحوّز والتحيّز سواء وهو التّنحّي.

أقول: و «التّحيّز» في عربيتنا المعاصرة هو الميل إلى جهة ما، وهي في الكثير الجهة السائرة في طريق الباطل وغير الحق، فإذا قيل: فلان متحيّز فكأنّهم قالوا: فلان جائر يميل مع الباطل.

وأما التحوّز فلا نعرفه في العربية المعاصرة.