للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥- وقال تعالى: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ [الآية ٣٠] .

المراد بقوله تعالى: لِيُثْبِتُوكَ ليسجنوك أو يوثقوك أو يثخنوك بالضرب والجرح، من قولهم: ضربوه حتى أثبتوه لا حراك به ولا براح، وفلان مثبت وجعا، وقرئ: «ليثبّتوك» ، بالتشديد.

وقرأ النّخعي: ليبيتوك من البيات.

وعن ابن عباس: ليقيّدوك، وهو دليل لمن فسّره بالإيثاق.

٦- وقال تعالى: إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٣١) .

وأَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ، ما سطره الأوّلون من الأمم السالفة، أي: ما كتبوه.

ولمّا كانت كتابات هؤلاء وما سطروه وما خلفوه من رموز كذبا، أطلقت «الأساطير» على الأباطيل والأكاذيب.

وقد جاء أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ في تسع آيات مختلفات بهذا المعنى.

وقال أهل اللغة: الأساطير واحدتها إسطار وإسطارة بالكسر، وأسطير وأسطيرة وأسطور وأسطورة بالضم.

وقالوا أيضا الأساطير جمع الأسطورة كالأحاديث جمع الأحدوثة.

وقال آخرون: الأساطير جمع أسطار، وأسطار جمع سطر، فكأنه جمع الجمع.

ومنهم من قال: الأساطير لا واحد لها.

أقول: ومن العجيب أننا لم نقف إلا على «الأساطير» بلفظ الجمع، فلم نجد الأسطور ولا الأسطورة، ولا الأسطير، ولا الأسطيرة، ولا الإسطارة.

وعندي أن هذه المواد استحدثت بعد أن رأى اللغويون الكلمة مجموعة «أساطير» ، فذهبوا إلى هذه المواد المفترضة، قياسا على نظائره، فالذي قال: إن مفردها أسطورة قاسها على الأحاديث والأحدوثة، ومثل هذا سائر ما افترضوه من المفرد، لهذه الكلمة المجموعة.

وأرى أن من ذهب إلى أنها جمع أسطار، وأسطار جمع سطر، مثل السطور على حق، فالكلمة جمع الجمع وهي تعني ما كتبه الأولون من سطور، أي: كتابات.