أنه إن أصاب الرسول (ص) فوز ساءهم، وإن أصيب بمكروه، فرحوا بحذرهم وعدم خروجهم وأمر النبي (ص) أن يذكر لهم، أنه لن يصيب المسلمين إلا ما كتب لهم وأنهم لا يتربّصون بهم إلا إحدى الحسنيين: النصرة أو الشهادة أمّا هم فسيصابون بعذاب من عند الله، أو بأيدي المسلمين ثم ذكر لهم أنّ ما ينفقونه طوعا أو كرها، ليقعدوا في نظيره عن القتال، لن يتقبله منهم لفسقهم، وكفرهم، وعدم إخلاصهم في صلاتهم وإنفاقهم ثم نهى النبيّ (ص) أن تعجبه أموالهم وأولادهم، لأنه يريد أن يعذّبهم بها في الدنيا، بإنفاقها فيما يكرهون، وهو أشقّ شيء عليهم وتزهق أنفسهم، وهم كافرون، فيعذّبون في الاخرة أيضا. ثم ذكر أنهم، مع هذا، يحلفون أنهم من المسلمين، وما هم منهم، ولكنهم قوم جبناء، يفرقون من الجهاد لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغاراتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (٥٧) .
وثانيها: الذين يطعنون على النبي (ص) في الصدقات المفروضة، ويزعمون أنه يخص بها أقاربه وأهل مودته فإن أعطوا منها، رضوا وإن لم يعطوا، سخطوا ولو أنهم رضوا بقسمة الله ورسوله فيها، ونصيبهم منها، لكان خيرا لهم ثم ذكر في الجواب عن طعنهم، أنّ هذه الصدقات لها مصارف معلومة، من الفقراء ومن ذكرهم، وهي مصارف لا تراعى فيها قرابة ولا مودة، وإنّما تراعى فيها المصلحة والحاجة.
وثالثها: الذين يؤذون النبي (ص) ويقولون هو أذن، لأنه يسمع ما يقال فيهم وقد أمره سبحانه أن يذكر لهم أنه أذن خير لهم، لأنه يؤمن بالله ويخافه، فلا يقدم على أذى أحد، ولا يسمع إلا للمؤمنين الصادقين، الذين يريدون المصلحة بنقل أخبارهم ثم ذكر أنهم إذا بلغ عنهم ما يقولون، يحلفون للمسلمين أنهم لم يقولوه ليرضوهم، والله ورسوله أحق أن يرضوه، بترك ما يقولونه من الإثم ثم ذكر أنهم حين يفعلون ذلك، يحذرون أن تنزل عليهم سورة تفضحهم به وأمر النبيّ (ص) أن يأمرهم بأن يفعلوا ما يفعلونه من الاستهزاء به وغيره، فإن الله مخرج ما يحذرون من أسرارهم،