للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والغارمين، من جهة أن إعادة العامل تدل على مزيد قوة تأكيد، كقولك مررت بزيد وبعمرو.

فإن قيل: لم عدّي فعل الإيمان إلى الله تعالى بالباء، وإلى المؤمنين باللام، في قوله تعالى: يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ [الآية ٦١] ؟

قلنا: لأنه قصد التصديق بالله الذي هو ضد الكفر به، فعدّاه بالباء كما يعدّى ضدّه بها، وقصد التسليم والانقياد للمؤمنين فيما يخبرون به، لكونهم صادقين عنده، فعدّاه بما يعدّى به التسليم والانقياد، ويعضده قوله تعالى وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ (١٧) [يوسف] وقوله تعالى أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ [البقرة: ٧٥] ، وقوله تعالى فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ [يونس: ٨٣] وقوله تعالى أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (١١١) [الشعراء] وأمّا قوله تعالى قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ [طه: ٧١] فمشترك الدلالة، لأنه قال في موضع آخر قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ [الأعراف: ١٢٣] وقال ابن قتيبة في الجواب عن أصل السؤال: إن الباء واللام زائدتان، والمراد بالإيمان التصديق، فمعناه يصدق الله، ويصدق المؤمنين.

فإن قيل: قوله تعالى أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِداً [الآية ٦٣] يدلّ على تخليد أصحاب الكبائر في النار، لأن المراد بالمحادّة المخالفة والمعاداة؟

قلنا: قوله تعالى أَلَمْ يَعْلَمُوا [الآية ٦٣] خبر عن المنافقين الذين سبق ذكرهم، فيكون المراد به المحادّة بالكفر والنفاق، وذلك موجب للتخليد في النار.

فإن قيل: لم قال الله تعالى:

يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ [الآية ٦٤] ، وسورة القرآن، إنما تنزل على النبي (ص) لا على المنافقين؟

قلنا: معناه أن تنزل فيهم، «فعلى» هنا بمعنى «في» كما في قوله تعالى عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ [البقرة: ١٠٢] وقولهم كان ذلك على عهد فلان. الثاني: أنّ الإنزال هنا بمعنى القراءة فمعناه أن تقرأ عليهم.

فإن قيل: الحذر في هذه الآية واقع