قلنا: أراد به مثله في البلاغة والفصاحة، وإن كان مفترى. وقيل معناه: مفتريات، كما أن القرآن مفترى في زعمكم واعتقادكم، فيتماثلان.
فإن قيل: لم قال تعالى: قُلْ فَأْتُوا فأفرد في قوله قُلْ ثم جمع فقال فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا [الآية ١٤] .
قلنا: الخطاب للنبي (ص) في الكل، ولكنه جمع في قوله عزّ وجلّ:
لَكُمْ فَاعْلَمُوا تفخيما له وتعظيما.
الثاني: أن الخطاب الثاني للنبي (ص) وأصحابه، لأن النبي (ص) وأصحابه كانوا يتحدّونهم بالقرآن، وقوله تعالى في موضع آخر: فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ [القصص/ ٥٠] يعضد الوجه الاول. الثالث: أن يكون الخطاب في الثاني والثالث للمشركين، والضمير في يَسْتَجِيبُوا لمن استطعتم، يعني فإن لم يستجب لكم من تدعونه المظاهرة على معارضته، لعجزهم، فاعلموا أيها المشركون أنما أنزل بعلم الله، وهذا وجه لطيف.
فإن قيل: قوله تعالى: وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها [الآية ١٦] يدل على بطلان عملهم، فما الحكمة في قوله بعده وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ [الآية ١٦] ؟
قلنا: المراد بقوله تعالى: وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها أي بطل ثواب ما صنعوا من الطاعات في الدنيا وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٦) من الرياء.
فإن قيل: لم قال نوح عليه السلام كما ورد في التنزيل وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالًا [الآية ٢٩] بالواو، وقال هود عليه السلام، كما ورد في التنزيل أيضا يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ [الآية ٥١] بغير الواو؟
قلنا: لأن الضمير في عَلَيْهِ لتبليغ الرسالة المدلول عليه بأول الكلام في القصتين، ولكن في قصة نوح عليه السلام وقع الفصل بين الضمير وبين ما هو عائد عليه بكلام آخر، فجيء بواو الابتداء: وفي قصة هود عليه السلام لم يقع بينهما فصل فلم يحتج الى واو الابتداء، هذا ما وقع لي فيه، والله اعلم.
فإن قيل: قوله تعالى لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ [الآية ٤٣] لا يناسبه