الضم. وإذا كسرت أو ضمّت فهل تكون للتأنيث؟ ولم نعرف لهذا الضرب من تاء التأنيث نظائر.
وإذا كان الأب مذكرا فما فائدة تاء التأنيث؟ وإذا قالوا لنا إن «أبت» مع التاء نظير: حمامة ذكر، ورجل ربعة، فالردّ عليهم أن التاء في «حمامة» هي للتأنيث، ولكنها وصفت بذكر لإبعاد التأنيث الحقيقي. أما التاء في «ربعة» ، فهي ليست تاء تأنيث وإن كان اللفظ مؤنثا، وهو كالتأنيث في «حمزة» ، و «عرفة» من أعلام الذكور، وعلى هذا فقولهم: إن «أبت» والتاء فيها مثل حمامة ذكر، ورجل ربعة، قول متهافت.
وأما قولهم: إن «يا أبت» هي مثل «يا أبي» ، ولكن الياء امتنعت، لأنّ التاء عوض منها، ولا يجتمع عوض ومعوّض منه.
قلت: إن التاء ليست عوضا، وأشرت إلى اختلاف الصوتين طبيعة ومخرجا وحيّزا، ولكني أقول الآن: إن الياء كأنها موجودة، اجتزئ منها بالكسرة، فلم تحذف. ومثل هذا قولنا: يا قوم ويا ربّ، فحذفنا الياء، أي: المدّ الطويل، واجتزأنا منه بالحركة القصيرة، التي هي شيء من الياء الليّنة، وهذا يعني أن «يا قوم» هي «يا قومي» وقصر المدّ يؤدّي غرضا صوتيا، هو تخفيف الطول.
إذن فكيف نقول الآن في «يا أبت» ، بعد أن بينّا ضعف الأقوال الصرفية، المتكلّفة التي يرفضها العلم اللغوي من نواح عدة.
أقول: إن «التاء» في «يا أبت» زيادة، وهذه الزيادة قد كانت من إحساس العربي القديم، أن الأسماء الثنائية أسماء ناقصة، فلا بد من أن تكون ثلاثية، ألا ترى أنهم في الجمع والنسب والتصغير جعلوا:«شفة» ، و «سنة» ، و «أب» ، و «أم» ، كلمات ثلاثية، فجاءوا بالواو تارة، وبالهاء تارة أخرى، فقالوا: سنوات، وسنهات، وسنويّ، وسنيّة، وشفويّ، وشفهيّ، وشفاه، وشفهية، وآباء، وأمّهات، وأبويّ، وأمويّ.
وإذا زيدت التاء في «أب» على هذا النحو في اللغة القديمة، فقد زيدت في «ربّ» ، و «ثمّ» ، و «ثمّ» ، على أنها صارت ثلاثية بالتضعيف. وإلى هنا، آمل أن تكون المسألة قد اكتسبت الإيضاح الكافي.