٣- وقال تعالى: إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً [الآية ٤] .
القول في «رأيت» ، أي: رأى في نومه حلما.
الفعل رأى في العربية، يكون رؤية ورأيا بالعين، ويكون رأيا بالعقل، بمعنى علم واعتقد، كقولهم: فلان يرى العقل خير سلاح، ويكون رأى رؤيا في النوم، كما في الآية. ويفرّق بينها في المصدر. كما بيّنا.
٤- وقال تعالى: وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ [الآية ٦] .
ما التأويل؟
التأويل في الآية هو «تأويل الأحاديث» ، والأحاديث الرؤيا، وتأويلها عبارتها وتفسيرها، وكان يوسف (ع) أعبر للرؤيا وأصحّهم عبارة لها ويجوز أن يراد بتأويل الأحاديث معاني كتب الله وسنن الأنبياء.
وفي التنزيل: هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ [الآية ١٠٠] ، أي: عبارتها.
وقال أهل اللغة: التأويل تفسير ما يؤول إليه الشيء، وقد أوّلته تأويلا وتأوّلته بمعنى.
وأمّا قول الله- عزّ وجلّ-: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ [الأعراف/ ٥٣] .
فقال أبو إسحاق: معناه، هل ينظرون إلّا ما يؤول إليه أمرهم من البعث.
وهذا التأويل هو قوله تعالى: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ [آل عمران/ ٧] ، أي: لا يعلم متى يكون أمر البعث.
أقول: هذا هو التأويل في القرآن، فأين نحن منه الآن؟
التأويل في لغة عصرنا يعني التفسير والشرح بشيء خاص، وهذا الشيء الخاص قد يجعل للمسألة تفسيرين أو أكثر، وإن منها ما فيه افتئات على الحقيقة.
وكأن التأويل أحيانا في استعمال المعاصرين، ضرب من التحريف والتزوير المقبول على علّاته، ولم يفطن المعاصرون إلى أن «التأويل» ، هو الرجوع إلى «الأوّل» .
٥- وقال تعالى: اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ [الآية ٩] .