حذف الجار وإيصال الفعل، كقوله تعالى: وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ [الأعراف/ ١٥٥] على تضمين «استبقا» معنى «ابتدرا» .
أقول: وليس لنا في العربية المعاصرة الفعل «استبق» ، أي: تسابق، والثاني هو المتداول المتعالم.
١٣- وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا [الآية ٣٠] .
قالوا: النّسوة اسم مفرد لجمع المرأة، وتأنيثه غير حقيقي كتأنيث اللّمّة، ولذلك لم تلحق فعله تاء التأنيث.
أقول: لا أرى أن النسوة اسم مفرد لجمع المرأة، والذي أراه أنه جمع وهو على أبنية الجمع نظير نساء سواء بسواء.
وأما مسألة عدم لحوق تاء التأنيث للفعل، فهذا يتصل بلغة القرآن التي ورثت خصائص العربية. ومن خصائص العربية التاريخية، أنّ علامة التأنيث فيها لم تأخذ مكانها الثابت، ومن أجل إثبات هذه الحقيقة التاريخية، تعالوا معنا لنستقري كلمة «طائفة» في لغة التنزيل لنتبيّن لحوق تاء التأنيث وعدمه قال تعالى:
وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ [آل عمران/ ٦٩] .
وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا [آل عمران/ ٧٢] .
فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ [النساء/ ١٠٢] .
وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا [النساء/ ١٠٢] .
وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ [الأعراف/ ٨٧] .
فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ [التوبة/ ١٢٢] .
وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنا [الأعراف/ ٨٧] .
وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ [آل عمران/ ١٥٤] .
فأنت تجد أن التاء لحقت الفعل في آيات، وعرّي الفعل عنها في آيات أخرى، كما تجد آيات أخرى أسند الفعل فيها إلى ضمير الجمع المذكر وهو من غير شكّ، مراعاة للمعنى، على جهة التغليب للمذكر.