للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما ما ورد في حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه أن رجلاً خطب عند النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «بئس الخطيب أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله فقد غوى» (١)، فأجيب عنه بأجوبة منها:

الأول: وهو المشهور أن الإنكار على هذا الخطيب؛ لأن الخطبة شأنها البسط والإيضاح واجتناب الإشارات، وثَنَّى الضمير في حديث الباب؛ لأنه ليس خطبة وعظ، وإنما تعليم حكم، فكلما قلَّ لفظه كان أقرب إلى حفظه، ذكره النووي (٢).

الثاني: أنه ثنى الضمير هنا إيماءً إلى أن ما نهى الله عنه فقد نهى رسوله عنه، وكذا العكس فهما متلازمان، وأمر بالإفراد في حديث الخطيب إشعاراً بأن كل واحد من العصيانين مستقل باستلزام الغواية، ذكره في شرح كتاب «التوحيد» (٣)، ونسبه للبيضاوي وغيره.

الثالث: أن هذا من خصائصه صلّى الله عليه وسلّم، فيجوز له الجمع في الضمير بينه وبين ربه تعالى، وذلك ممتنع على غيره؛ لأن غيره إذا جمع أوهم إطلاقه التسوية، بخلافه هو فإن منصبه لا يتطرق إليه إيهام ذلك، ذكره السيوطي ونسبه للعز بن عبد السلام (٤)، وقد أشار القرطبي إلى ذلك (٥).

الوجه الخامس: الحديث دليل على تحريم لحوم الحمر الأهلية، وأن لحمها ودمها وبولها وروثها كله نجس، لقوله: «ينهيانكم» وقوله: «فإنها رجس»، والأصل في النهي التحريم، والأصل في الرجس - وهو القذر - وجوب الاجتناب.


(١) أخرجه مسلم (٨٧٠).
(٢) "شرح النووي على صحيح مسلم" (٥/ ٤٠٩).
(٣) "تيسير العزيز الحميد" ص (٤٧٨).
(٤) "شرح السيوطي على سنن النسائي" (٦/ ٩٢).
(٥) "المفهم" (٢/ ٥١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>