وكانت أيام مولانا الرشيد أيام راحة ودعة وسكون جامعة للمحاسن وأشتات الفنون، وكان محبا في العلماء مطالعا لكتب الأقدمين فقيها متضلعا، إلا أن أيامه لم تطل وكانت مدة خلافته سبع سنين، وكان مختصا به الفقيه الأديب السيد عبد المالك التجموعتى، والفقيه الأديب السيد سعيد التلمسانى، والفقيه الأجل السيد محمد بن عبد الرحمن الفاسى، وله مع فقهاء المغرب وأدبائه أخبار حسان يطول ذكرها هـ.
ومن مفاخر المترجم شدة اعتنائه بتحقيق الشرف والنسبة للبيت النبوى حتَّى قال في السر الظاهر: إنه كان مثلا مضروبا في ذلك، وكان يسند ذلك لأهل العلم والدين، ويزجر أهل الإفك والزور في ذلك بما يليق بهم من الزواجر البالغة، قال: وجرى في أمرهم على طريقة ملوك الفرس، فإنها كانت تضبط أهل بيتها بضوابط أسلافها، حتَّى كانت تمنعهم من مناكحة من لا يليق بهم هـ.
قلت هو إشارة لتوجيه ما كان عليه المترجم وملوك آل بيته بعده من التحجير في مناكح آل بيتهم بأن لا تكون إلا في أبناء عمهم، أما النساء منهم فعلى سبيل الإطلاق والشمول والاستغراق من غير استثناء، وأما الرجال فكذلك إلا إذا اقتضى الحال في بعض الخواص تسريحه له بإذن خاص، ولكن تخريج صاحب السر الظاهر ذلك على التأسى بملوك الفرس ليس على ما ينبغي، فإن اعتبار النسب في الكفاءة في النِّكَاح هو القول الخامس في المذهب حكاه ابن عرفة وغيره.
وقال الحفيد ابن رشد في بدايته: إن قول أبي حنيفة وأصحابه إن القرشية لا تزوج إلا من القرشي ولا العربية إلا من العربى، وأن قول الثورى وأحمد: إن العربية لا تزوج من مولى، وكذا نقل ابن العربى في الأحكام أن أبا حنيفة والشافعى يعتبر أن في كفاءة النِّكَاح الحسب.