حتَّى وقفوا على الماء الذي يسيل من سد باب جبالة، فاقتضى نظرهم حصره ببناء حائط من طابيه، وحينئذ أحضرت الإقامة وشرع في بنائه وعلى الجزيرة التي برأس رحى الجبل المشهود بضرر بقاء السمر النابت بها حتَّى أزيل جميعه، وخملت الجزيرة المذكورة وما زالوا كذلك في تنفيذ الإصلاح من تعيين أوقات السقى وتجديد المغاليق وإصلاح القواديس وبيان أنواعها وما تناسبه وغير ذلك، حتَّى أتموا مهمتىم حسبما ذلك بشهادة عدلية ثابتة بتاريخ رجب الفرد من السنة ١٣٠١.
ثم ظعن إلى فاس فأقام لتدبير الشئون فيها إلى أن دخلت سنة اثنتين وثلاثمائة وألف، فرجع إلى العاصمة المكناسية وأصدر الأوامر لعاملها إذ ذاك الباشا حم بن الجيلانى بانتخاب عشرة من أعيان نجباء طلحة الجيش البُخاريّ لقراءة فن التوقيت والحساب، ورشح لتعليمهم موقت الحضرة المكناسية الشَّهير الجيلانى الرحالي.
وقد كان للمترجم اعتناء وشغف بهذه الفنون الرياضية، فكان يوجه في طلب آلاتها من سائر الجهات، وقد وقفت على بطاقة من عامل الرباط السيد محمد بن محمد السويسى للشريف العلامة سيدى محمد بن الحسنى عم صديقنا الحميم سيدى المدني بن الحسنى نصها بعد الحَمْدَلَة:
"محبنا الأرضى الفقيه الأجل الشريف سيدى محمد بن الحسنى السَّلام عليك ورحمة الله عن خير مولانا نصره الله.
وبعد: فقد أمرنى مولانا أعزه الله نوجه لحضرته الشريفة ستة ربعات وستة أسطرلابات التوقيت من هنا، وبحثنا فتحقق لنا عندكم اثنين ربعات وأسطرلاب وعليه أحبك توجه لنا بهم وتعلمنا بثمنهم أو يقدر لهم ولا بد وعلى المحبة والسلام في ٧ شوال عام ١٣٠٨ محمد السويسى لطف الله به".