ودقائق ٥٢ على ما حرره رئيس تلك المرسى، وطرفاية معتدلة في سائر الفصول ومهما بعد الإنسان عنها بنحو نصف ساعة يجد حرارة عظيمة.
أخبرني صاحبنا ابن رحال أنه كان مسافرا في بعض الأيام وهو راكب جملًا فصارت تنزل عليه نقط في غاية الحر فإذا هي دموع الإبل تحملها الرياح وتلقيها عليهم.
وليس بها ماء عَدَا بِئر ملح تأتي للسقي منه القوافل ليلاً، وتسافر به لخيامها، أما الوفد السلطاني فإنه كان يأتيه الماء الكافي من الصويرة، وأهل طرفاية يتخذون أحجارا مثل القصع يملأونها من ذلك الماء الملح فوق آنية أخرى فينزل الماء من تلك الأحجار للآنية فيستحيل عذبا.
وكان في نية السلطان أن تبقي تلك المرسى مفتوحة يعمرها التجار وغيرهم وفق ما اقترح الإنجليز، ولذلك وجه النجار والبناء والمهندس ولكن أمر ذلك لم يتم.
[ثورة الرحمانة بزعامة مبارك ابن سليمان]
وفي أواخر ربيع الأول من السنة المذكورة، نهض من فاس لتمهيد نواحي مراكش الذي أضرم نيرانها فساد تلك القبائل على ما يأتي بيانه، ورتب قواد قبائل الحوز بعد أن نظم جيشا عرمرما رأس عليه الشريف سيدي محمَّد الأمراني المترجم فيما يأتي بحول الله، ومعه عمال دكالة وباقي عمال الحوز، وخيموا على الرحامنة وندبوهم للصلح وحذروهم وأنذروهم عقوبة المخزن واشتداد شوكته وخوفوهم سطوته، فلم تنفع تلك المساعي ولم يرفعوا لمقامهم رأْسا واستعظموا عصبيتهم وتمادوا على عيثهم وتمردهم، ولما قربت الجنود المولوية من مراكش اختل أمر تلك المجموع الزائغة وانهزمت، وقد كان السلطان حشد الجيوش والقبائل المغربية برابر وأعرابا بخيلهم ورجلهم وأصحبهم معه.