فعند ذلك أمر السلطان بمقابلتهم على قدر جريمتهم، فطافت بهم العساكر ورموهم بالكور من كل ناحية، ثم اقتحمت طائفة من العسكر سور فاس من جهة الطالعة وأخذوا في النهب والقتل وعظم الخطب واشتد الكرب، وفى أثناء ذلك بعث السلطان وزيره أبا عبد الله الصفار يعظهم ويعرض عليهم الأمان بشرط التوبة والرجوع إلى الطاعة، فأذعنوا وامتثلوا وانطفأت نار الفتنة الملعون موقدها.
هذا ولم تكد نيران الفتن تسكن برحاب فاس حتى استفحل داء الثائر الفتان بوعزى بن عبد القادر العامرى الشركاوى المدعو الهبرى نسبة إلم بلدته هبرى -بالقصر بين أم العساكر ومستغانم- وكان ظهور هذا الفتان في أيام سيدى محمد سنة إحدى وثمانين ومائتين وألف في آنكاد ثم شتت جموعه.
فلما بويع مولاى الحسن ظهر ثانية في غياثة واجتمعت عليه التسول والبرانس والحياينة وبنو وراين وكزناية وأولاد بريمة وآيت شغروشن وبنو سدن فنهض المترجم ثانيا في عام واحد وتسعين ومائتين وألف لقطع جرثومة الفساد خوف الانتشار والاستفحال والضرب على أيدى الساعين في إيقاد نيران الفتن، فاستأصل شأْفة متمردى بنى سادن وآيت شغروشن.
وبعد أن طهر البقاع من سماسرة الفتن توجه لبلاد الحياينة ثم مدينة تارا فدخلها وكان عاملها إذ ذاك الباشا عبد الرحمن بن الشليح الشرادى الزرارى، وبعد استراحة الجنود المظفرة هجمت على المارق الهبرى المذكور وألقت القبض عليه، وأتى به للمترجم حقيرًا ذليلا فشهر وطيف به على جمل، ثم وجه به سجينا لفاس وبقى فيه إلى أن نقل لمراكش فمات في الطريق.
ونهض صاحب الترجمة من تازا ووجهته القبائل الريفية وجعل طريقه على عين زورة، ولما وصل لقصبة سلوان أدركه عيد الفطر فأقام بها سنة عيد الفطر، ووجه على عامل وجدة القائد قدور حيطوط الجامعى وأمره بتأمين الحاج محمد