لما بويع للمترجم بعد وفاة أبيه وقدم لفاس، دفع له أهلها ما كانوا يدفعونه لوالده المولى عبد الله من ثمن الموازين وهو ثلاثمائة مثقال شهريا، ولما حضر فقهاء الوقت تكلم معهم في شأنها فقالوا له: إذا لم يكن للسلطان مال يجوز له أن يقبض من الرعايا ما يقوم به، فأمرهم أن يكتبوا له في ذلك، فكتب له من أسلفنا ذكره من العلماء تأليفا اعتمده واستند إليه ووظف الوظائف والتراتيب على الأبواب والسلع والغلل.
وقد وقفت على كناشة مبتورة الأوائل والأواخر تظهر بعد مراجعتها وتقليب صفحاتها كأنها كانت دفترا يذكر فيه ما كان في ذمم الناس من أموال الدولة ومتمولاتها في ذلك العهد، ويظهر منها أنها ملخصة من الكنانيش السبع المولوية التي وصف أولها بكناش سيدنا الكبير الأخضر، وصف ثانيها بأنه كناش صغير، وثالثها بأن سفره صغير زبيبى، ورابعها أحمر صغير، وخامسها طويل أحمر، وسادسها زبيبى على التحمير وسفره نحو الرباعى، ومن هذه الكناشة تستفاد قيمة بعض المداخيل وبعض البيان للأداء الذى كان يؤدى على كل قدر من المعشرات المرتب عليها وغير ذلك من الفوائد المبينة للحالة المالية على عهد المترجم، وهذا بعض ما اشتملت عليه:
صاكة تبغة عن عام ١١٧٦ ثلاثة آلاف مثقال بذمة يهود فاس ومكناس.
واجب دار الضرب بتطوان من ذى الحجة متم عام ١١٧٦ مثقالان في كل يوم بيد القائد عبد الكريم بن زاكور.
كراء موازين آسفى ورحابه عن كل سنة من أول ذى القعدة سنة ١١٧٧ ستة عشر ألف مثقال بذمة الحاج إبراهيم حسوه الآسفى والنصرانى اللريط.