وفى غرة جمادى الأولى من عام ستة وتسعين نهض المترجم من مراكش ومر في طريقه على قبيلتى الرحامنة والسراغنة، ولما كان بآيت عتاب أوقع بهم وأكل زروعهم وقطع منهم واحداً وعشرين رأسا جزاء لهم على ما اجترموه من الزيغ والعيث، ثم نهض وسار إلى تادلا فزعير فرباط الفتح وأقام به أياما، ثم ظعن منه مصمما على الزحف لبنى مطير إذ كانوا سعوا في الأرض الفساد وعاثوا في الطرقات بسلب ونهب المارة وأوقعوا بعرب دخيسة وأولاد نصير الذين كان أنزلهم المترجم بسايس بدلا من مجاط شر وقعة، ولما شردوهم عن سايس رجعوا إليه مجاط الذين رحلهم السلطان منه، فسار من الرباط على بنى حسن وزمور الشلح وجروان، ثم نزل ببحبوحة بنى مطير آكراى والحاجب وأمر بنى مكيلد أن يزحفوا إليهم من ناحية آكراى، فزحفوا وربطوا عليهم آيت يوسى، وآيت شغروشن، وآيت عياش، وآيت ولان من جهة الشمال.
كما ربط بإزاء المذكورين القائد العربى بن محمد الشركى -والد الباشا عبد الكريم عامل شراكة وأولاد جامع سابقا القاطن حينه بفاس- وبقية من جاء مع المحال السلطانية من القبائل الغربية والحوزية، وأحدق الجميع بعصاة بنى مطير فضاق بهم الفضاء المتسع، ولم يجدوا خلاصا ولات حين مناص.
ولما أيقنوا بالثبور والبوار، وأكلت زرعهم الرطب واليابس، وهلكت ضروعهم وجاست الجنود المخزنية التي لا قبل لهم بها ولا طاقة لهم عليها ربوعهم وبارت منهم الحيل لجأوا إلى المترجم، وتطارحوا على أبواب رحابه، وأعلنوا بالإبانة وإخلاص الطاعة والتوبة النصوح، وتشفعوا واستجاروا بالصالحين، وتمسكوا بأذيال الحلم والحنان، والعفو المولوى، فرق لهم المترجم لما وصلوا لهذه