للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: قال في "الروض": وكانت في المدينة بداوة ثم تمدنت واكتسبت حضارة، وزيد بعد [عام] الستمائة في جامعها الأكبر زيادة ظاهرة، وجلب إليها الماء على ستة أميال من عين طيبة الماء، عجيبة القدر بموضع يقال له تاجما، وأجري الماء إلى الباب [الشرقى] الجوفي من أبواب الجامع وسمي باب الحفاة، وكان متصلا بالباب الذي يسمي لهذا العهد باب الزرائعيين، وبنيت قريبا من هذا الجامع دار للوضوء حفيلة على مثال دار الوضوء بفاس، وهذا كله في أيام الموحّدين (١).

وقال إن الإمام أبا زكريا الوطاسي لما دخلها في القرن التاسع جدد بعض رسومها الدارسة وأنشأ بجامعها المجلس المسمي بالأسبوع لكون القراء يختمون فيه القرآن العزيز في كل أسبوع، وأمر بتحويل باب الحفاة إلى قرب دار الوضوء الكبرى التي تقدم ذكرها، ورأي أن ذلك أنسب من الباب الجوفي الذي كان قبل ذلك للحفاة كما تقدم، فلما حفر الصناع في الباب الموالي لدار الوضوء المذكورة ليبنوا به مجرى للماء وجدوا ذلك هنالك مبنيا بناء متقنا، ولم يكن عند أحد به علم، ولا بقي من مسني المدينة من عنده من ذلك خبر، فقضي الناس العجب من فطنة الأمير المذكور رحمه الله تعالى (٢).

قال: ويقال بلغت عمارتها إلى أن كان بها أربعمائة مسجد قال الأستاذ ابن جابر: وحول كل مسجد سقاية فالله أعلم من خطه.

قلت: أما أبو زكريا الوطاسي فإن تعبير ابن غازي عنه بالإمام مشعر بأنه كان سلطانا ولم يحفظ التاريخ ذلك فيما علمناه، وأبو زكريا يحيي بن زيان الوَطَّاسِي المريني الفاسي كان في القرن التاسع كما قال، ولكنه إنما كان وزيرًا لعبد الحق المريني وكان عادلا، توفي قتيلا غدرا سنة اثنين وخمسين وثمانمائة، أورد ذكره تقي الدين ابن فهد في لحظ الألحاظ بذيل طبقة الحفاظ (٣).


(١) الروض الهتون - ص ٧٤ وما بين حاصرتين منه.
(٢) الروض الهتون - ص ٩٥.
(٣) لحظ الألحاظ - ص ٣٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>