أشواقى، حتى أشاهد أنوار هاتيك الأخلاق الزكية، وأنتشق من أزهارها الذكية، فأشير على من مملوك مولانا بما حاصله أن تقدم الاستئذان على الوفادة، من أجل ما يتحلى به أدب المرء من السنن المستفادة.
ثم مع ذلك فالجوارح ناطقة بشكر ما لمولانا من جزيل الأيادى، والجوانح معترفة بعظيم نعمه التي عمت الحواضر والبوادى، والرعية معتكفة على حب أميرها، لاهجة بجميل الذكر على لسان صغيرها وكبيرها، والخصب ببركة مولانا قد أغنى وأقنى رفده، وجاد على الأعجم والناطق بما ملكت يده.
وهذه الحضرة المشرفة بعناية مولانا إذ جعلها من ذماره، واصطفاها لقربه وجواره، وشنفها من بديع الفراديس ورفيع القباب، ما لو رآه الإسكندر الأكبر لاعترف بأنه العجب العجاب، قد حليت من المحاسن بمنتهاها، أسعدها الإسعاف بنيل أرفع مشتهاها، والعلوم قد تدفقت بها أنهارها، وتفتقت على أوج التحصيل أزهارها، والأكف مرتفعة لمولانا بصالح الأدعية، والألسنة معربة بما لمولانا من عظيم الحق في المجالس والأندية، إذ هو حفظه الله رفع للعلم مناره، وبوأه قراره، وأحيا معالمه الدواثر، وألزم نصره الله نشر ما حوته الدفاتر، فله المنة بدءا وعودا وجميل الثناء والشكر على ما أولى وأسدى".
وفاته: توفى بمكناسة الزيتون زوال يوم الجمعة ثامن أو سابع شوال عام عشرين ومائة وألف عن أربع وثمانين فيم قيل، ودفن عند العصر بضريح ولى الله المولى عبد الله بن حمد خارج باب البرادعيين أحد أبواب المدينة، وقبره هناك مشهور.