مع الأخذ بالحزم والاحتياط، وإذا طلب القنصل المذكور إحضارهم للبحث، فإن أمكن أن يكون بحثهم بمحضرك فهو أولى، وإلا فيكون بمحضر من يمكن حضوره من نوابك النبهاء ولا تحتاج لزيادة إيضاح في بيان المقصود مما ذكر، والسلام في ٨ رجب عام ١٣٢٥".
[احتلال الدار البيضاء]
ومن ذلك واقعة الدار البيضاء التي هي من أعظم الوقائع الشنيعة المفتتة للكبد القاضية على قوى المغرب المادية والأدبية بالوهن والانقضاء، تلك الواقعة التي تنفس بها صبح الخطوب في أعماق القلوب، قام بحمل أعباء طامتها الكبرى جهال رعاع الرعية وأخلاط الأوباش وسفهاء الأحلام، من سخفاء عقول قبيلة الشاوية الذين لا يتدبرون العواقب، ولا يعلمون أن الإنسان لا يحصد إلا ما بذر.
وذلك أن الدولة المخزنية المغربية لما انهد ركن سياستها المتين بموت صاحب الترجمة، فرزنت فيها البيادق ووسد الأمر لغير أهله، وصارت الرءوس أذنابا والأذناب رءوسا، وانفجرت براكين الاستبداد التي هي ثمرة الإفراط في الضغط، وفشا ذلك في الحواضر والبوادى وعم جميع البلاد، ونامت الصقور، وصرخت الديكة، وادعى الصعلوك أنه ابن جلا، وأينعت أغصان التشاجر والتنافس في أفخاذ من قبيلة الشاوية المذكورة، وارتأت أن الخروج عن طاعة السلطان متجر ربيح، وتمكن في قلبها حب البغى والعدوان، وجار القوى على الضعيف، وغدا الفساد في كل آونة يزداد، ورؤساء الدولة لا يستطيعون لرتق ذلك الفتق حيلة ولا يهتدون سبيلا بل هم في غمرة ساهون، وعن الأخذ الأحوط لاهون، إلى أن مدّ يد العداء بعض الرعاع من سماسرة الفتن الموقدين لنارها من جوار الدار البيضاء وبالأخص مديونة وأولاد زيان، كما عينهم ظهير سلطانى شريف دونك لفظه: