بنفقته، وأنه بمصافاة الأبرار، تظهر طوالع الأسرار، ثم أفحمنى عن ذلك كثرة العوارض والأهوال، وكثر المماطلة وتبدل الأحوال، ومقاساة الشدائد والفتن، وكثرة الهواجس والمحن، وليس فضل الله بممتنع، وخيره سبحانه ليس بمنقطع هـ.
وفاته: تُوفِّي عام خمسين ومائة وألف رحمه الله.
[٥٥٤ - أبو القاسم قاضى الحضرة المكناسية وابن قاضيها سعيد بن أبي القاسم العميرى -بفتح العين نسبة لبنى عمير، فرقة من تادلا الجابرى التادلى.]
حاله: آخر أدباء وقضاة العدل بمكناس، ذو سمت حسن، وسكينة وتؤدة ووقار، علامة علم الأعلام، حجة الله على الأنام، ركن التحقيق المستلم، الجامع بين اللسان والقلم، صدر صدور المشايخ، ومن له في الفنون العقلية والنقلية القدم الراسخ، الناظم الناثر، واضح المفاخر، كثير المآثر، قاضى قضاة العصر، الطائر الصيت في كل مصر، محبوب الأنام نافذ الأحكام، ذو الفهم الثاقب، والإدراك الصائب، حسن الأخلاق، طيب الأعراق، جامع أشتات الفضائل والفواضل، ونخبة سراة الأعلام الأماثل.
ولد بفاس القرويين، ثم انتقل به والده لمكناسة الزيتون، على الطائر الميمون، فنشأ بها كما قال عن نفسه في فهرسته: في عزة أهل ورفاهية احترام، ودعة جلالة وظل إعظام وإكرام، فلم يكن من فضل الله عليه باللاهى، وإن ألهاه من الحداثة ببعض الملاهى، إذ لم يكن له راحة إلَّا في المكتب، وما مسئ من أعتب، وما زالت الأبوة الكريمة تلحظه بعين الاستصلاح، وتقابله برعايتها العميمة رغبة في الإجابة لداعى الفلاح، حتَّى تيسرت له الأسباب، وانفتحت الأبواب في وجهه لطلب العلوم الشرعية بابا بعد باب، ومهر واتسعت في الفنون عارضته، وعلت كعبه وعظمت مكانته، فولاه السلطان المولى عبد الله بن الإِمام الأعظم مولانا إسماعيل خطة القضاء بمكناس.