ثم رحل لأداء فريضة الحج وزيارة خير الأنام عام ثلاثة وأربعين ومائة وألف في رفقة والدة موليه السلطان المذكور السيدة خناتة بنت بكار المعافرية السابقة الترجمة، وحفيدها سيدي محمَّد بن السلطان المولى عبد الله، والعلامة السيد الشرقى الإسحاقى وغيرهم من الأعلام ووجهاء الأعيان، وقد أخذ في هذه الرحلة عن علماء تلك الديار المشرفة، قال الوزير السيد الشرقى المذكور في رحلته المؤلفة في وجهته هاته ما نصه: غريبة، في يومى إقامتنا ببسكرة تحاكم لدى صاحبنا الفقيه القاضي النبيه، الأديب الوجيه، السيد بلقاسم ابن الفقيه العلامة سيدي سعيد بن بلقاسم العميرى، رجلان من أعراب هذه الناحية من أولاد قسوم، في فرس أراد المشترى منهما الرجوع على بائعها بالثمن إذ هلكت بعيب قديم أقدم من أمد التبايع، وأحضر بينة، فأمره الفقيه القاضي المذكور بتزكية بعض شهود البينة، فجاء بهذا الشيخ بو الضياف مزكيًا لبعض شهود البينة، فقال له القاضي أتعرف هذا الرَّجل الشاهد؟ وسماه له فقال: نعم نعرفه رجلًا جيدًا من خيار قومه ما عندنا ما نقول فيه أغار معنا على العرب كم وكم مرة ما رأينا فيه عيبا، فانظر هذه الجهالة زكاه من حيث جرحه، وهكذا حاله هؤلاء الأعراب في العراقة في الجهل هـ.
ثم عزل المترجم بعد، ثم ولاه بمكناس أَيضًا المولى على بن السلطان الأعظم مولانا إسماعيل لما خلع العبيد مولاى عبد الله وبايعوه، وكانت توليته إياه يوم الجمعة مهل جمادى الثَّانية عام سبعة -بتقديم السين على الموحدة وأربعين ومائة وألف، بعد عزله للقاضى السيد البوعنانى المترجم فيما مر، بسبب تأخيره ذكر الصَّحَابَة عن ذكر السلطان في خطبته عسى أن ينال بذلك منزلة من السلطان وتقربا، فعامله بنقيض مقصودة، وجعل جائزته الحرمان، وتعجيل العزل له من خطة القضاء.
ثم لما خلع مولاى على وأعيدت البيعة لمولاى عبد الله عزل المترجم عن