ثم نهض المترجم قاصدًا الظفر بابن البشير أصل البلاء كله، ومر في طريقه على عين زورة من قبيلة المطالسة، ولما خيم بقصبة سلوان ودع صدر الوزراء أبا العلاء إدريس بن الطيب بو عشرين، وتصدر في محله أبو عمران موسى بن أحمد، ثم واصل السير إلى أن بلغ وادى ملوية فأقام هناك للاستراحة والاستطلاع على أحوال وأخبار تلك الأنحاء.
ومن هنالك وجه بعض الساسة نسخة من دلائل الخيرات وسبحته للشريف السيد عبد الجليل الوزانى موهما له أنهما للسلطان، وأنه هو الذى أمر بتوجيههما إليه ليوجه بهما لابن البشير تأمينا له، ويأمره بالقدوم عليه والتوجه في معيته للحضرة السلطانية، فوجه الشريف المذكور بهما لابن البشير، وأكد عليه في القدوم لديه والتوجه في خفارته لصاحب الترجمة، فورد عليه وفى معيته جملة صالحة من الأشراف العلماء وسراة القوم من بينهم صهره ولد رمضان الذى كان اتخذه أمينا كبيرا بوجدة في جيش لا يحصى كثرة.
ولما وصلوا إلى المحلة السلطانية بوادى ملوية رحب بهم السلطان وأظهر لهم مزيد الاعتناء والاعتبار وبالغ في إكرامهم وأنزل ابن البشير وصهره عند رئيس مشوره القائد محمد بن يعيش، وبعد أن اطمأنوا ألقى القبض عليهما وصفدهما بالأغلال، ووجههما لسجن فاس صحبة القائد الشافعى المسكينى وإخوانه وصاحب مكحلته القائد الجيلانى بن بوعزة البخارى، والقائد إبراهيم الشركسى وأكد عليهم بالأخذ بالأحوط في سفرهم بهما، ولمزيد الحزم أمر القائد الشافعى أن ينظم كلا من القائد المحجوب، والقائد إبراهيم مع المقبوضين في السلسلة كل لية إلى أن يحلوا بفاس، وأوصاهم إذا طرأ عليهم مشوش يبادر كل واحد منهما بقتل صاحبه الذى يليه من المصفدين.