الملوكى، يقوم إجلالا له كل من به من الجيوش ولم يكن ذلك لأحد غيره ممن تقدمه أو تأخر عنه غير الوزير الصدر، وكان جوادا كريما شجاعا مقداما فصيح اللسان، قوى الجنان، ثبتا في سائر شئونه، عارفا بالسياسة ونواميس المخزن وضوابطه، له مهارة كاملة في الحساب والأوفاق واستخدام الجان، يتقن رواية ورش وقالون والبصرى إتقانا جيدا، خيرا دينا، ذا حزم وعزم، لا تكاد تجده في وقت من الأوقات على غير طهارة مهما حدث إلا وأسرع للوضوء حضرا وسفرا، تقى نقى، ذاكر ناسك.
أخبر عنه بعض خواصه أنه كان يصبح تحت وسادته كل يوم مائة مثقال فيدفعها للقيم بصائر داره فيصرفها بتمامها ولا يدع منها شيئا، وأنه كان يغلق عليه بيته في بعض الأحيان ويأمر أهله بالتنجى عنه وعدم الوصول إليه إلا بعد إذنه لهم بالدخول عليه، فيسمعون كلام الغير معه، فإذا قضى أربه صفق إذ كان ذلك علامة على الأذن لهم في الدخول عليه، فإذا دخلوا عليه وجدوه وحده مستقبلا القبلة وسبحته بيده وقد تواتر هذا وأمثاله عنه.
وكان لا يهاب لا رئيسا ولا مرءوسا، ومن عادته التي لا تتخلف إذا أمره السلطان بالدخول عليه أدخل يده تحت ثيابه وحل السراويل فإذا قام أوهم الرائين أن السراويل حل واشتغل بشده هنيهة قليلة، ثم يدخل على السلطان فلا يواجهه بما يكره ولو وشى له به، وربما صرح السلطان بأنه مهما رام مشافهته بسوء خرس لسانه بمجرد وقوع بصره عليه.
وفاته: توفى بمكناسة عام ثمانية وثمانين ومائتين وألف ودفن بالزاوية الناصرية.
[٩٧ - إدريس بن الحاج حفيد برادة الفاسى.]
حاله: كان شابا نجيبا، حييا أريبا، فقيها نبيها، ذا سمت حسن، استخدم أمينا على الصائر على الدار السلطانية بالحضرة المكناسية، ودرس بجامعها الأعظم