الشريف أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن على بن طاهر الحسنى قد قدم فاسا بقصد أن يبايعه أهلها فلم يجيبوه، اهـ، والله أعلم أى ذلك كان.
وفى صفر العام نزل محمد الحاج الدلائي بأزروا، فخرج إليه أعيان أهل فاس وقاضيها، فقصوا عليه ما فعل المترجم بزرعهم وزرع الحياينة، وقد كان المترجم رجع لبلده، وفى أول ربيع من العام رجع أهل فاس إلى بلدهم وبقى الدلائي بأزروا، إلى أن دخل فصل الشتاء، ورجع الدلائى لزاويته ولم يخرج منها بعد، إلى أن أخرجه الرشيد أخ المترجم لتلمسان قهرا حسبما أفاده الضعيف.
وفى العام نفسه نهض المترجم من تافلالت وسار إلى أن نزل قرب تلمسان وذلك لما بلغه استيلاء أخيه الرشيد على تلك الناحية وما والاها، ثم زحف إليهم مع خديمه القائد أحمد أعراص، ولما التقى الجمعان كانت النصرة للمترجم على أهل سمسان فهدم قصبتهم، وفر أخوه الرشيد لحوز بنى يزناسن قرب دار ابن مشعل، ورجع المترجم لبلده ثم اتصل به أن أخاه المذكور كثرت عليه الجموع. وأن أمره فيهم نافذ ومسموع، فزحف إليه ثانية والتقى الجمعان بقرب سيدي بوهدبة فأضرمت بينهما نيران الحرب التي لم تنطفئ إلا بموت المترجم رحمه الله.
تنبيه وإيقاظ: اعلم أولا أن حكم الخلافة والإمامة [وهى أى الإمامة خلافة الرسول في إقامة الدين وحفظ حوز الملة] هو الوجوب بدليل السمع بقول الله تبارك وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ... (٥٩)} [سورة النساء ٥٩] أمر سبحانه في هذه الآية -والأمر للوجوب- بطاعة أولى الأمر منا، وهم المتأمرون علينا ولا يجب ذلك للأمة على الله تبارك وتعالى عقلا ولا بالعقل مع السمع خلافا لمن زعم ذلك من أهل الابتداع، كما أن القول بجواز ذلك فقط ساقط لما ذكرناه من دليل الوجوب، ثم هذا الوجوب هو كفائى فقط لأنه إذا قام به من هو أهل له سقط عمن عداه من الأمة، وإلا وقع في الحرج