للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى ربيع ذى الحجة أوقع القبض على مائتين وثمانين نفرا من رؤساء أولاد أبي السباع الذين كانوا خرجوا على عاملهم عبد الله بن بلعيد، وعاثوا على القائد العربى الرحمانى في شرذمة من الخيل، فنزل بها عليهم وألزمهم أداء ستين ألف ريال ذعيرة لهم على التمرد وإيقاد نيران الفتن، فلم يسعهم إلا بيع ماشيتهم بأبخس الأثمان وأداء الموظف عليهم عَنْ يد وهم صاغرون، ورد عليهم عاملهم ابن بلعيد المذكور وهم له كارهون، فلم يكن لهم بد من الخضوع والرضوخ للطاعة، ولم يزل المترجم مجدا في الاستعداد لكسر شوكة كل من بغى وتمرد وجمع العساكر من القبائل إلى أواخر صفر من سنة ثلاث وتسعين ومائتين وألف.

وفى هذا التاريخ وفد عليه أبو عبد الله محمد الكندافى (١) في صاحب جبل تنملل، أحد أشياخ تلك القبيلة الذى كان وشى به للمترجم عامله أحمد بن مالك، وأشاع عنه أنه خلع ربقة طاعة السلطان من عنقه، وأنه يحاول الدعاء لنفسه، وطلب ملك سلفه من قبله.

ولم يزل يوسوس للسلطان المترجم حتى أوغر عليه صدره وأمره بالقبض عليه، فاعتقد ابن مالك أنه حصل على ضالته المنشودة، ووجه له فئة من الجند فأوقع بها الكندافى، شَرّ وقعة، إلا ما كان من الجيش السلطانى فإنه لم يمسه بسوء.

فوجد ابن مالك متسعا لترويح أرجافه، وكتب للمترجم بما يزيد حنقا على الكنتافى، وبعد الواقعة وجه الكندافى ولده للحضرة السلطانية بفاس وشرح له حقيقة الواقع وعرفه بأنه من المطيعين المخلصين، وبما يكنه له ابن مالك من العداوة والبغضاء، وينصبه له من شبك المهالك، فشفعه المترجم فيه وولاه على إخوانه، ولم يزل صاحب الترجمة مقيما بالحضرة السلطانية إلى أن أقام بها حفلة العيد النبوى الكريم، وغمر وأفاض العطاء في الشرفاء والعلماء والجيوش.


(١) في المطبوع: "الكنتافى" والمثبت من موسوعة أعلام المغرب ٨/ ٢٧٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>