وفى مهل ربيع الثانى نهض من مراكش يؤم الديار الغربية، فمرَّ على ثغر الجديدة وتفقد أبراجها وسقائلها، وأقام بها أياما كانت كلها أعيادًا ومواسم، ثم نهض لآزمور ووقف على أسوارها وأبراجها وصقائلها وأمر بإصلاح ما يفتقر لإصلاح من ذلك وصيانته، وبالأخص البرج المقابل للمرسى هنالك.
ثم نهض من آزمور ودخل ثغر الدار البيضاء في الثالث والعشرين من ربيع الثانى، وأعفى عاملها محمد بن إدريس الجرارى في اليوم نفسه من ولايته عليها، وولاه عمالة ثغر الجديدة، وولى مكانه بالدار البيضاء الحاج عبد الله بن قاسم حصار السلاوى، وأقام بها يومين ووقف على أبراجها وسقائلها، وواعد بإصلاح ما هو مفتقر للإصلاح وخصوصا مَرْفَأ المرسى.
ثم نهض من الدار البيضاء وأوقع بعرب الزيايدة لانحرافهم عن الجادة، ثم صار إلى أن دخل رباط الفتح، وذلك غرة جمادى الأولى من السنة، وأقام بها تسعة أيام، ثم نهض وسار على طريق زمور الشلح إلى أن دخل عاصمة سلفه مكناسة الزيتون ثامن عشر الشهر، فأقام بها خمسة أيام.
ثم نهض لفاس، وتهيأ للسفر لحسم مادة الفساد من القبائل المتمردة قبل سريان دائها، واستعجال عدوانها، والقبض على رؤساء الفساد، وتقويض أركانه، فخرج في جيوش عظيمة جرارة تنتظم من أبطال من انتظم في سلك إخلاص الطاعة، وقبائل الغرب الأيمن والأيسر سهله والجبل، وذلك منتصف جمادى الثانية.
وكان في نظره أن يجعل طريقه على الوادى الأخضر ثم مكناسة تازا لبعد طريق غياثة، فلاذ بعض كبراء المحلة ورؤسائها بأبى محمد عبد السلام البقالى وقد كان محبوبا لصاحب الترجمة مسموع الكلمة عنده، بأن يشير عليه بالمرور على مدينة تازا ويحسنه إليه لقضاء مآربهم بها والاستعداد بالتموين منها، ففعل