الأخلاق، وأكمل من شرفت منه الأوصاف والأعراق، الحال مني محل سويداء أماقى، أبو العباس أحمد بن العراقى، لازلت في خفض عيش ناعم، ما دام ثغر الرياض عن عرف أزاهره باسم، وعليك مني تحية يفوق شذا النسرين طيبها، مستوفى من عبير العنبر نصيبها، مشفوعا ببركات يملأ الخافقين نورها، وتتوج محاسن الدهر سطورها، هذا وقد طار الفؤاد للقياك، وطمحت نار التشوق لاستطلاع محياك والاستمتاع برؤياك، إذ كنت مني محل الزند للساعد، وكيف لا وفيك الغنية عن الأقارب والأباعد، أبقاك الله محفوظ الجناب، متبعا سبيل من أناب، وجبر الصدع بالجمع، بين الأصل والفرع، إنه مجيب دعوة المنيب، وجامع شمل الغريب، وها نحن اليوم قد شغلنا عن كل المطالب، بكل ذاهب وآيب ومطلوب وطالب، فذات النحيين أفرغ مني ذهنا، والجوارح والحواس أصبحت لما سمعت وقاك الله رهنا، وفي حامله كفاية الخبر، عمن أبدل نومه بالسهر، مع مصاحبة أمراض، معشارها يشغل عن أضعف الأغراض، ولكن الطمع في رحمة الله يحملنى على الرجا، وكيف يخيب من إلى أكرم الأكرمين التجا، وهو حسبى ووليى ومن توكل عليه سلم ونجا، في سابع جمادى الأولى عام تسعين ومائة وألف محمَّد بن الطيب سكيرج لطف الله به.
وفاته: توفي بالوباء في جمادى عام أربعة وتسعين ومائة وألف.
حاله: فقير متجرد من صغره ساكت خامل، كان من أهل اللباس الحسن الفاخر، فأبدله له الشيخ العربى بن عبد الله معن الأندلسى بدربلة بقى يلبسها حتى مات، وفي ذلك أعظم دلالة على كسر سطوة سلطان النفس الأمارة وقهره إياها وتمكنه منها، وكان كثيرا ما يجلس بالقرويين وحده ولا يدعى بدعوى، قليل
٢٥٧ - من مصادر ترجمته: موسوعة أعلام المغرب ٧/ ٢٤٢٢.