وأما ما ذكره هذا المؤلف في هذا الوضع من إصلاح المزارع والمغارس فالظاهر أن ذلك خاص بالبلاد الشديدة البرد الكثيرة الثلوج كالجزر المتوغلة في الشمال بدليل أن المعتمد عنده في ذلك هو التغبير بالجير والجبص والأملاح المستخرجة من أبوال الآدميين وغيرهم، ونحن إذا غبرنا موضع الحرث بالجير لا ينبت شيئًا بالمشاهدة والله أعلم، والله يديم لنا عز مولانا نصره الله ويبارك في عمره ويحفظ به نظام هذا الدين آمين والسلام.
محمد بن أحمد اكنسوس لطف الله به".
[سعيه لإدخال الفنون العصرية للمملكة المغربية وإرساله وفود الطلبة للديار الأوربية]
ولم تقف همة المترجم عند هذا الحد، بل فإنه لما نظر إلى الأمم الراقية وما أفادها العلم الرياضى والطبيعى من القوة والسلطان والشفوف على الأقران في معترك الحياة، أراد أن يزج ببلاده في ذلك الميدان الواسع، فعضد إرسالية الشبان المتخرجين من مدرسة والده وتوجهوا لعواصم أوربا لتتميم دروسهم، فعين لكل فريق رجلا من أهل الدين والعلم لمرافقتهم وصيانتهم، وأجرى عليهم النفقات الكافية.
ولما زاولوا دروسهم وملئوا بكل نافع حقائبهم يمموا بلادهم ليبثوا فيها ما ينفع مستقبلهم، فلم يعدموا معاكسا وقف في سبيلهم، وحرم البلاد والعباد وما كان يرجى من فوائد معارفهم بفتح المدارس وسلوك هذا السبيل كما سلكه أهل اليابان، لذلك العهد الذين رافقوهم في دروسهم، فكانت النتيجة أن تقدم اليابنيون وتأخرنا ولله في خلقه شئون.
ففى سنة ١٢٩١ انتخب خمسة عشر من الطلبة لتهذيبهم وتدريبهم وتعليمهم ما يستطيعون به خدمة أمتهم ودولتهم، ووجه جميعهم لثغر طنجة تحت رياسة