إلى أن أخرجهم منها صاحب الترجمة سنة ثنتين وتسعين وألف، وأنزل بها جيش العبيد وأوزاعا من عرب الناحية وهى على ذلك لهذا العهد.
وأما مدينة العرايش: فهى مدينة قديمة تعرف بـ"سفدد" بباء فسين ففاء فدالين، كان صاحبها من بقية الأدراسة أحمد بن القاسم جنون تحت طاعة محمد الناصر صاحب قرطبة سنة ٣٣٧، ثم أخرجه منها جوهر قائد جيش الفاطميين، ثم صارت تابعة لعمال المروانيين ومن أتى بعدهم إلى أن أنزل بها يعقوب المنصور الموحدى العرب الهلاليين فجعلوها قاعدة رياستهم وأطلقوا عليها اسم العرايش، فصارت إلى البداوة أقرب، سيما وقد هدمها أسطول الإفرنج سنة ٦٦٨ وبقيت على خرابها إلى سنة ٩١٠، فنزلها البرتقاليون وبنوها وعمروها إلى أن أخرجهم منها المنصور السعدى سنة ٩٨٦، فاعتنى بها وحصنها وبنى قصبتها، ثم في سنة ١٠١٩ ساعد محمد الشيخ الإصبان بتسليمها لهم وبقوا بها إلى أن أخرجهم منها المترجم سنة ١١٠١ وهى على ذلك إلى الحين الحالى.
وأما أصيلة: فكانت ساحتها تقام بها سوق أوائل القرن الثالث يقصدها الناس من الأمصار بأنواع المتاجر وتكاثر البناء بها إلى أن صارت قرية آهلة، ثم قدم إليها القاسم بن إدريس عندما أخرجه أخوه محمد من البصرة فنزلها وزهد في الملك، وبنى مسجدها على ضفة البحر وسورها وبنى قصرها، ثم تولاها ابنه إبراهيم ولم تزل بِيَدِ بنيه إلى أن صارت للحسن الحجام، ثم لموسى بن العافية سنة ٣١١ الى أن نزل عليها أسطول بنى العزفى وأهل سبتة سنة ٦٦٣، فهدَّ أبو القاسم منهم قصبتها وخربها، وفى عام ٨٧٦ قام بها أبو عبد الله محمد الشيخ ابن أبى زكرياء الوطاسى مؤسس دولة بنى وطاس واتخذها عاصمة.
وفى السنة نفسها نزل عليها أسطول البرتقال واحتلها في غيبة أبى عبد الله، وظفر ببيت ماله وأسر ولده محمد فبقى في أسره سبع سنين ورجع، فكان يدعى بمحمد البرتقالى.